نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
وکلية کلية الإعلام- جامعة الأزهر
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
مقدمة
لاشک أن مصطلح (الإرهاب) یکاد الیوم أن یکون هو أکثر المصطلحات والکلمات التی تطرق أذان الناس فی کافة أرجاء المعمورة، فلا تکاد تخلو منها نشرة إخباریة أو برنامج وثائقی أو قضیة ساخنة أو قناة فضائیة، فهی الشغل الشاغل لوسائل الإعلام، وللسیاسیین وللإعلامیین وللقادة والزعماء والمفکرین والفقهاء ورجال القضاء والأمن والدین، بل إنها الکلمة الأکثر استخدامًا فی خطابات الزعماء والرؤساء وهى الأکثر ذکرًا وتداولا فی المحافل الدولیة والسیاسیة.
وتعد أزمة الإرهاب واحدة من أهم الأزمات التی تواجه العالم بأسره فی عصرنا الحالی والذی أصبح حقیقة لا یملک أحد تجاهلها أو تجاوزها، فقد أضحى الإرهاب یمثل فی اللحظة التاریخیة الراهنة تحدیًا عالمیًا وإقلیمیًا تعکف مراکز القرار البحثی والسیاسی على دراسة تجلیاته وأسباب نموه وطرق مواجهته.
ویشکل الإرهاب أیضًا أزمة حقیقیة للإعلام الذی من المفترض أن یسهم فی مواجهته من خلال تقدیم صورة حقیقیة للاعتدال من خلال نشر ثقافة الحوار والتسامح والانفتاح على الرأی والرأی الآخر، وأن یقدم الصورة السلبیة للإرهاب ویکشف خفایا التنظیمات الإرهابیة ومساراتها الفکریة وآلیات عملها واستغلالها للجهل الدینی أو الحقد المجتمعی الذی یمکن أن یشعر به بعض شبابنا العربی لأسباب متعددة، من أجل تنویر العقول وتوضیح الصورة الغائبة عن الکثیر فی مجتمعاتنا التی لاتزال لا تمیز بین "الدین" و"ا2لتدین"، وبین ما یدعو إلیه الدین الصحیح ومن یستغله ویتمسح بقشوره لأطماع سیاسیة أو أیدیولوجیة أو وجودیة.
فقد نجحت الجماعات المتشددة والإرهابیة، وبالتحدید "داعش"، فی استقطاب أولئک الشباب المرتبک بسبب مختلف التغیرات التی عایشها، مستغلة فی ذلک الطفرة التکنولوجیة والحرب الإعلامیة المنظمة والذکیة التی تستخدمها والتی تعتمد على التطبیقات الإلکترونیة فی الهواتف الذکیة، وعلی وسائل الإعلام الحدیثة والمواقع الاجتماعیة التی یستطیعون من خلالها بناء حملات إعلامیة ضخمة لا تکلفهم أیة مبالغ مادیة.
وهکذا أصبح الإعلام وخاصة الإعلام الفضائی السلاح الأقوى بید الإرهابیین، فالعمل الإرهابی التدمیری یجذب اهتمام وسائل الإعلام، وبهذا یُمکن الإرهابیین –خاصة فی الدول التی یسیطر فیها الإعلام التعددی الخاص والتجاری- من استغلال هذه الوسائل لصالحه.. فی الوقت الذی تقوم فیه وسائل إعلامنا التقلیدیة بالتعامل مع التنظیمات الإرهابیة بشکل دعائی وترویجی، والهدف یکون جذب أکبر عدد من الجمهور، حتی ولو کانت المادة دمویة وتساهم فی الدعایة للإرهاب، مما یسقط الإعلام هنا فی جریمة دعم الإرهاب، وإن کان بطریقة غیر مباشرة، وهی الجریمة التی لا یعاقب علیها القانون ولکن تبقی جریمة أخلاقیة یجب الانتباه لها.
فالحرب أصبحت حربًا إعلامیة منظمة، وإن لم یکن الإعلام العربی عند مستواها، أو استمر فی إنتاج مواد تؤججها، سنجد أنفسنا أمام واقع أشد ظلما لأبنائه وأکثر ظلامًا على الأوطان، إن لم نستطع بمساهمة الإعلام المسئول والنزیه، مع باقی مؤسسات الدولة المعنیة، التماسک ضد ای فکر متطرف أو إرهاب بتنا جمیعًا على بعد نصف خطوة منه.
ویبقى الهدف المحوری للإرهابیین هو کسب تَفَهُّم الناس وتعاطفهم، وعلیه فإن الأساس الذی تقوم علیه الإستراتیجیة الإعلامیة للإرهابیین هو أن یخوضوا حربًا دعائیة ونفسیة وإعلامیة، ولهذا تهدف الجماعات الإرهابیة أساسا إلى إیصال رسائل معینة إلى الناس مـــن خلال وسائل الإعلام، "وفی هـــذا الإطار یــــقول "والــتـــر لاکیر" "Walter Laqueur ": "الإرهاب لوحده لا شیء، نشره عبر وسائل الإعلام هو کل شیء"، وفی نفس المعنى قال الباحث الترکی "أسفت تلجان" ما یلی: "یمثل العمل الإرهابی فی حد ذاته بدایة الإرهاب"([1])، بدایة لآلیة أکثر تعقیدًا وهی الدعایة، فالإرهاب والجماعة الإرهابیة ستکون غیر سعیدة على الإطلاق ومُحْبطة، إذا ما عرفت أن جریمتها لن تُکتشف، ولن تَجذب اهتمام المجتمع".
وفی السیاق نفسه نُذکر بمقولة "مرجریت تاتشر" رئیسة الوزراء البریطانیة السابقة التی وصفت عملیات الإعلام والاعلان والذیوع الذى تحدثه وسائل الإعلام حول الأفعال الإرهابیة، "بأنها الأکسجین اللازم للإرهاب الذى لا یستطیع الاستغناء عنه" ([2])، بل إن الإرهابی یعتبر وسائل الإعلام هی سلاحه الرئیس وأنها تقوم بدور رئیسی لصالحه عندما تغطی الحدث الإرهابی تغطیة واسعة.
وفی هذه الورقة البحثیة یتطرق الباحثان لقضیة جدلیة، وهی: العلاقة بین الإعلام والإرهاب، والمعالجة الإعلامیة لقضایا الإرهاب، وضوابط المعالجة الإعلامیة لقضایا الإرهاب، وکذلک دور وسائل الإعلام فی مکافحة الإرهاب.
جدلیة العلاقة بین الإعلام والإرهاب
یأتی الحدیث عن العلاقة بین الإعلام والإرهاب بکل أشکاله ومظاهره وهی علاقة إشکالیة تحتاج إلى المزید من التأمل بهدف الوصول إلى قناعات أو تصوّرات محددة من خلال تحلیل الناتج، فهناک العدید من الآراء التی أکدت علاقة تبادلیة بین وسائل الإعلام والإرهاب بشکل عام بحیث یستثمر کل منهما الآخر ویستفید من دوره ووظیفته على فرض أن أولهما یصنع الحدث (الإرهاب) والثانی یقوم بتسویقه (الإعلام)..فالإرهاب لا یبحث کثیرًا فی عدد الضحایا؛ بل یبحث أکثر فی أن یسمع الناس به ویعلمون عنه"([3]) تعتبر هذه المقولة المرجع الأساس للحرکات الإرهابیة فی علاقتها بوسائل الإعلام.
وتبرز علاقة الإرهابین بالإعلام وقد حددها (میشیل فییفیورکا) بأربعة أنواع على النحو التالی([4]):
1- علاقة اللامبالاة :
حیث لا یهدف الإرهاربیون إلى الدعایة لعملیاتهم ولا بث الذعر فی أمة بأکملها بل تقتصر عملیاتهم على عدد معین من الضحایا وهذا النوع یعد استثنائیًا لأن الإرهاب یهدف فی معظم الأحیان إلى بث الفزع والرعب على نطاق واسع وإلى تبریر العملیات الإرهابیة، ویکون هذا النوع من العلاقة فی المجتمعات قلیلة الاهتمام بالإعلام.
2-علاقة اللامبالاة النسبیة:
حیث لا تهدف الجماعات الإرهابیة بأن تکون عملیاتها محل اهتمام وسائل الإعلام، ولکنها قد تستعمل قنوات الاتصال لتفسیر أیدیولوجیاتها وسبب اختیار العنف أداة للتعبیر عن رفضها للوضع الراهن، وفی هذه الحالة نجد بعض الجماعات الإرهابیة تملک صحفًا أو إذاعات محلیة خاصة فی الجامعات أو الکنائس والمساجد حیث تنتقل الأفکار والأیدیولوجیات المشرعة للإرهاب، واستعمال بعض وسائل الإعلام الخاصة بهدف تمریر الأفکار المتطرفة للجماعات الإرهابیة لا إلى نشر تفاصیل العملیات الإرهابیة.
3- علاقة تقوم على استخدام الاستراتیجیة الإعلامیة:
فی هذا النوع من العلاقة، لا ینتظر الإرهابی من وسائل الإعلام أن تنشر له عملیاته أو تبث له خطبه، ولکنه یذهب إلى أبعد من هذا، فیستخدم بطریقة حسابیة کل ما یعرفه عن طریقة عمل الصحافة، حیث یوزع بیاناته بدقة ویبرمج عملیاته بما یتناسب وخصائص وسائل الإعلام، وهذا النوع من العلاقة ینطبق على العملیات التی تطول عدة أسابیع فیصبح من الأجدر رفع التوتر واللعب بأعصاب الجماهیر والحکومة.
4- علاقة القطیعة:
تتوقف وسائل الإعلام عن القیام بدور الناقل، ویصبح الصحفی عدوًا بالنسبة للجماعات الإرهابیة مثله مثل القضاة والدبلوماسیین، ورجال الأعمال، ویصبح الصحفی مهددًا من قبل الإرهابیین، وکثیرًا ما تعتمد بعض الجماعات الإرهابیة على احتجاز بعض الصحافیین کرهائن وعندما یکون الإرهابیون فی حالة قطیعة مع الإعلام، فهم لا یقبلون صورة الإعلام المستقل والمحاید.
والعلاقات الأربعة السابقة یمکنها أن تمیز حرکة إرهابیة عن أخرى حسب العلاقة التی تربطها بوسائل الإعلام، کما أن تطور الحرکات الإرهابیة یجعلها تغیر من طریقة تعاملها مع الإعلام حسب ما تقتضیه أهدافها وظروفها، فبالنسبة للحرکات الإرهابیة الناشئة فهی تکون فی علاقة لا مبالاة نسبیة مع الإعلام. وکلما تطورت الحرکة الإرهابیة یزداد اهتمامها بالإعلام لاعتقادها أن الإعلام وسیلة مثل بقیة الوسائل التی بإمکان الإرهاب استغلالها لصالحه.
وقد خلصت رؤى الباحثین إلى تقدیم أربعة نماذج تفسر طبیعة العلاقة بین الإعلام واستراتیجیات الإرهاب: التجاهل التام من قبل الإرهابیین لوسائل الإعلام حیث یستهدفون إرهاب الضحایا بعیدًا عن جذب وسائل الإعلام، أو التجاهل النسبی من قبل الإرهابیین لوسائل الإعلام مع إدراکهم بأهمیتها فی نشر رسائلهم، أو تبنى استراتیجیة استهداف وسائل الإعلام ووعى الإرهابیین بأهمیة المعالجة الإعلامیة فی ترسیخ الفکر الإرهابی المتطرف وتجنید المتعاطفین مع أهدافهم وغرس الموالین لهم فی وسائل الإعلام ووکالات الأنباء، أو الانشقاق التام والنظر للقائمین على وسائل الإعلام على أنهم "أعداء" یجب إرهابهم أو إعدامهم([5]).
وحسب البعض فإنه "یکمن الفارق بین الإرهاب کسلوک عدوانی یترتب علیه خسائر فادحة وغیره من حوادث العنف فی أن الإرهاب یحمل رسائل تواصل مهمة؛ فالحوادث الإرهابیة عادة ما تکون بمثابة رسائل إلى الجمهور، الهدف منها، بث حالة من الرعب والفزع.. وقد تکون تهدیدیة بمعنى أنه فی حالة عدم الاستجابة للمطالب، فإن تلک الحوادث سوف تتکرر"([6]).
وتکشف الهجمات الإرهابیة حقیقة وسائل الإعلام، وطریقة عملها، وردود أفعالها وأعمالها الروتینیة، بل وأیضًا مبادئها وقیمها، وفی هذا الصدد یشیر "میشیل فییفیورکا" و"دومینیک وولتون" فی کتابهم "الإرهاب على الصفحة الرئیسیة" إلى أن "الإرهاب ربما یکون أحد المجالات التی تتطلب أکبر قدر من الکفاءات المهنیة". ویضیفان "غالبًا ما ینجذب الصحفیون إلى الإرهاب لثلاثة عوامل ینبغی أن یتوخوا الحذر منها: الحدث، وهو فخ یدفع الصحافة إلى معظم التصرفات النمطیة فی المهنة؛ والجهات الفاعلة التی یحرکها العمل الإرهابی (التی تثیر الإعجاب)؛ والسلطة (التی یصعب تحدید المسافة التی من المناسب أن تضعها الصحافة بینها وبین السلطة والتی لا تخلو من التناقض)"([7]).
من هنا کانت أهمیة وسائل الإعلام الحدیثة فی تغطیة ونقل الحوادث الإرهابیة وردود أفعال السلطات تجاهها، بشکل منتظم للقارئ، وهو ما یؤکد أهمیتها الإعلامیة، لکل من الإرهابیین وسلطات مکافحة الإرهاب فی الوقت ذاته، التی تتخذ فی ضوئها ردود الأفعال المناسبة"([8]).
وحول العلاقة بین الإعلام والإرهاب تحضرنا هنا أیضا مقولة عالم الاتصال الأمریکی "مارشال ماکلوهان": "دون إتصال لن یکون هناک إرهاب".. وهی تشیر إلى الدور الخطیر الذی یؤدیه الاتصال فیما یتعلق بقضیة الإرهاب([9]).. "إذن فالتلازم الإشکالى بین الإعلام وأجهزته ووسائطه المتعددة، والإرهاب یشیر إلى أن کلیهما یحقق بعض أهدافه الوظیفیة والاحترافیة والسیاسیة بالتجاوز، وبعض التداخل على الهامش بین بعضهما بعضًا"([10]).
وفی بعض الأحیان، وبدون قصد فی الغالب، تقوم وسائل الإعلام بالترویج لغایات الإرهاب وأهدافه وإعطائه هالة إعلامیة لا یستحقها([11])، کما یستخدم الإرهابیون وسائل الإعلام للاتصال بالسلطات والحصول على معلومات من وسائل الإعلام لیحللوا الأسالیب والطرق المختلفة للضغط على خصومهم.
فقد أدت سیطرت أخبار الأحداث والأزمات الإرهابیة على وسائل الإعلام المحلیة والدولیة إلى تمکن الإرهابیون من الوصول للرأی العام فی الوقت والکیفیة التی یحددونها؛ إذ أن أحد أهم أهداف الإرهابیین الرئیسیة هو الوصول للرأی العام والتأثیر فیه لکسبه ولإبلاغ رسالته سواء محلیًا أو دولیًا، فالإرهابیون یحتاجون لوسائل الإعلام الجماهیریة لیحققوا وجودهم ویحققوا أکبر فرصة للانتشار، وبالفعل حظیت الأحداث الإرهابیة التی هزت المنطقة العربیة باهتمام وتناول إعلامی کبیر على الصعید المحلی والدولی.
ولقد نتج عن التناول الإعلامی للإرهاب (عدد من الإشکالیات والتساؤلات حول علاقة الإعلام بالإرهاب، وکیف یجب أن تتعامل وسائل الإعلام مع هذه الظاهرة؟ بالتغطیة أم بالتعتیم؟ وهل القیام بالتغطیة یخدم الرأی العام أم الإرهابیین؟ وما مدى الفائدة؟ وکیف یمکن لوسائل الإعلام أن تحدد متى یجب تغطیة حادث أو واقعة ومتى یجب إهمالها؟ وکیف تحدد الخطورة المترتبة من تسریب ونشر قد یؤدی إلى عواقب وخیمة([12]).
لقد أثبتت السنوات الأخیرة کم هی حاجة الإرهابیین للإعلام بهدف تحقیق أهدافهم من وراء العملیات الإجرامیة التی یرتکبونها لدرجة أن البعض منهم یرى أن العمل الإرهابی غیر المغطى إعلامیًا لا معنى له، وأن ثمة علاقة ترابطیة بین الإرهاب والإعلام حیث یستفید الطرفان من تلک الأفعال.."فالإرهابیون یحصلون على دعایة لأعمالهم والإعلام یستفید مالیًا ودعائیًا لأن التقاریر التی تتحدث عن الإرهاب أو تنقل وقائعه ترفع عدد المشاهدین لشاشاتها ومحطاتها وکذلک عدد قرّاء الصحف، ما دعا صحفیان فی "الواشنطن بوست" إلى المطالبة بحرمان الإرهابی من الوصول إلى المنافذ الإعلامیة، لأن فی ذلک مکافأة وتعزیزًا وفرصة ذهبیة له للترویج لأفکارهم الشریرة وتطبیع إجرامه وتقبّله عبر الاستمرار فی بثّ صور الأفعال الإجرامیة بحیث یعتادها جمهور واسع من المشاهدین"([13]).
لقد أصبح الإرهابیون أکثر اهتمامًا بالتغطیة الإعلامیة لجرائمهم،خاصة بعد أحداث التاسع من سبتمبر 2001م، حیث نالوا اهتمامًا واسعًا من قِبل وسائل الإعلام، والتی أصبحت تقدم لهم بانتظام الفرص فی أن یستمع إلیهم تدریجیًا، کما صار الإرهابیون مصدرًا إعلامیًا، حیث تقدم حججهم وتبریراتهم ودوافعهم عبر وسائل الإعلام([14]).
ویبدو الموقف وکأن هناک اتفاق ضمنی وعلاقة "زوجیة" وتکافلیة متبادلة المنفعة بین الوسائل الإعلامیة والإرهاب لتحقیق المصالح الخاصة لکلا الطرفین.."فالإرهاب یقدم للإعلام أخبارًا مثیرة وهجمات إرهابیة درامیة تحقق أرباحًا ونسبة مشاهدة جماهیریة عالیة، فضلا عن إنتاج المعلومة ومسایرة الأحداث. وکما تمثل وسائل الإعلام السلاح الذى یستخدمه الإرهابیون لنشر وتوجیه رسائلهم إلى قاعدة جماهیریة عریضة لتحقیق الانتشار"([15]).
وفی إشارة واضحة یشیر ما سبق إلى قدرة المنظمات الارهابیة على تطویع الإعلام والاستفادة من ثورة الاتصالات المتقدمة فی تنفیذ عملیاتها وأجندتها ومخططاتها الاجرامیة، إضافة إلى حضورها الفاعل على الإنترنت وغیره من وسائط المعلوماتیة للترویج لأفکارها الهدامة وتجنید الشباب فی صفوفها.. الأمر الذی یؤکد بأن الإعلام أصبح یمثل سلاحًا خطیرًا فی ید الإرهابیین، الذین بات بمقدورهم توجیه رسائل لها تأثیر سلبی مباشر على الأفراد والمجتمعات.
ویکفی أن نشیر إلى "أنه فی أحد الاستطلاعات التی أجریت لمعرفة ما إذا کان هناک دورٌ للإعلام فی تأجیج الارهاب، أجاب 80% من مجموع المستجوبین إجابة مطلقة تفید بأن الإعلام یقوم بهذا الدور"([16]).. کذلک هناک ثمة سلبیات ینطوی علیها توظیف الجماعات المتشددة والإرهابیة للإعلام للترویج لخطابها الإرهابی والمتطرف على نحو یؤدی إلى تحفیز واستقطاب فئات اجتماعیة مسحوقة إلى تبنی الخیار الإرهابی.. کما یؤدی تضارب المعلومات الإعلامیة عن العملیات الارهابیة إلى بث البلبلة، وأحیانا إلى وجود من یتعاطف مع الارهابی، "وربما یقوم الإعلام بدورًا فی نقل التعلیمات الارهابیة إلى الخلایا النائمة أو النشطة أو إقامة اتصالات جدیدة مع جماعات حلیفة"([17]).
إذن لا معنى للإرهاب من دون وسائل الإعلام، وتأریخ الإرهاب الدولی حافل بأمثلة کثیرة تدل على أن الهدف الأول للإرهابیین هو الوصول إلى وسائل الإعلام والتأثیر النفسی فی الجمهور العریض والإعلان عن أنفسهم وإیصال أصواتهم السیاسیة أو الدینیة أو القومیة إلى الرأی العام فی بلدانهم ونقل مطالبهم وتهدیداتهم إلى الجهات المعنیة فی استعراض رخیص لسلاحهم الوحید وهو الخطف والقتل والذبح دون أى اعتبار للقیم الدینیة التی یزعم الإرهابیون أنهم (یجاهدون فی سبیلها)([18]).
وهکذا فمهما اختلفت الآراء حول العلاقة الإشکالیة والجدلیة بین الإعلام والإرهاب، فإن الکثیرین یدعون ولحساسیة المسألة إلى التعامل بحرص شدید مع ملف الإرهاب، وعدم إبراز أحداثه وإعطائه صدى إعلامی أکثر من حجمها الحقیقی([19]).
المعالجة الإعلامیة لقضایا الإرهاب:
لوسائل الإعلام دور کبیر فی تغطیة ومعالجة قضایا الإرهاب بمهنیة، فقد أصبحت فی العصر الحاضر أحد أهم عناصر وأدوات صناعة الرأی العام وتشکیل المواقف والاتجاهات والوعی فی ظل تراجع دور الوسائل التقلیدیة کالأحزاب والمؤسسات الثقافیة وغیره، حیث تقوم بدور فعال فی توجیه الممارسات المهنیة لإقناع الجمهور بخطورة الأحداث الإرهابیة، وما یجب اتخاذه للتعامل مع هذه الأحداث وتداعیاتها، "فکما تتطلب مواجهة ظاهرة الإرهاب وجود العدید من الوسائل السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة والاجتماعیة، فطبیعة الحال تحتاج الوسائل الإعلامیة التی ینبغی الترکیز علیها، وذلک نظرًا للتأثیر الکبیر الذی تمارسه على الجماهیر بمختلف أنواعها من إذاعة وتلفزیون وصحافة مکتوبة"([20]).
هناک عدة دراسات تناولت دور وسائل الإعلام فی التصدی لظاهرة الإرهاب، وأهمیة وسائل الإعلام فی تغطیة هذه الظاهرة ودرجة اعتماد الجمهور علیها فی فهمها وهی دراسات غربیة وعربیة تؤکد کلها على الارتباط الإیجابی بین تغطیة وسائل الإعلام للأحداث الإرهابیة وبین إدراک الرأی العام لخطورة نتائجها، "فبخصوص الدراسات التحلیلیة فقد اختلفت نتائجها من دراسة إلى أخرى وبحسب وسیلة الإعلام المغطیة للحدث، ففیها من أصلّ للفکر الإرهابی وتتبع أسباب وجذور المشکلة وربط الأعمال الإرهابیة بالمناخ السیاسی، ومنها من اکتفی بتغطیة لم تحظ بنسب کافیة من الاهتمام، وأکدت بعض الدراسات على عدم وجود الدقة فی المعلومات وغیاب الخلفیة التفسیریة وافتقار التغطیة إلى عنصر الشمول والمعالجة"([21]).
وتقوم وسائل الإعلام بدور کبیر فی توعیة الرأی العام بضرورة مکافحة الإرهاب والتصدی له، فهی تساعد على الفهم الکامل لظاهرة الإرهاب، وتبیان الأسباب والدوافع الحقیقیة لنشوبها وتغلغلها داخل المجتمع، فأهمیة الإعلام لا تکمن فی امتلاک أدواته وإنما فی کیفیة استعماله وتوظیفه لها، أو ما یمکن تسمیته (الدور الوظیفی لوسائل الإعلام)، فهناک العدید من الآراء التی أکدت وجود علاقة تبادلیة بین وسائل الإعلام والإرهاب بشکل عام، بحیث یستثمر کل منهما الآخر ویستفید من دوره ووظیفته على فرض أن أولهما یصنع الحدث (الإرهاب) والثانی یقوم بتسویقه (الإعلام)([22]).
وفی هذا الصدد "یؤکد عددُ من الخبراء على أهمیة الدور الذی تؤدیه وسائل الإعلام أثناء وبعد الأزمات بل إن کثیرًا من الأزمات تعتمد فی إدارتها على وسائل الإعلام کأحد مکونات استراتیجیة مواجهة الأزمة"([23])، ویمکَن للتناول الإعلامی والمعالجات الصحفیة للأزمات من استخدام وسائل الإعلام من خلال استخدام الحملات الإعلامیة المکثفة للقضاء على الظاهرة، وعلى الجانب الآخر قد "تؤدى وسائل الإعلام دورًا سلبیًا فی معالجة الأزمة عن طریق التعتیم الإعلامی، والتجاهل التام للأخبار وعدم إعلام جمهور الأزمة بها حیث یتخذ التجاهل أحد شکلین هما، تجاهل وتعتیم کلى، ویتم بعزل جمهور الأزمة عن أحداثها عزلا تامًا، أو تجاهل وتعتیم جزئی ویتم بإعلام أحد أطراف الأزمة وتجاهل الطرف الآخر"([24]).
فالمتأمل فی طبیعة التغطیة الإعلامیة لأزمةٍ معینة سیاسیة کانت أو اقتصادیة، یلاحظ التباین الکبیر فی مستوی ولغة التناول بل ونوعیة المعلومات التی یفصح عنها، وقد یعود ذلک لعدد من الأسباب لعل أبرزها السیاسة التحریریة للوسیلة الإعلامیة، فضلا عن عدد من المؤثرات التی تؤدی فی مجملها إلى تشویش المعلومة وتضلیل الجمهور، وهو ما یجعل الإعلام یظهر بمظهر المضلل فی کثیر من الأحیان، ومن هنا "تأتی أهمیة الالتزام ببنود العمل الصحفی وأخلاقیات المهنة من تجرد، وانضباط بالمعاییر العلمیة والعملیة، والابتعاد عن الانطباعیة والذاتیة، لتحقیق الطریقة المثلی فی إدارة الأزمات بدلا عن الترکیز على الحدث دون الأخذ بماهیة أبعاد الظاهرة التی تحولت إلى أزمة تهدد مسیرة الحیاة، فالتعتیم الإعلامی الذی یصب فی إطار سطحیة التناول دون الغوص فی عمق الظاهرة، ومسبباتها، وخصائصها وطرق التعامل معها، إنما یؤدی إلى تضلیل الجمهور وعزله عن المشارکة الفاعلة فی إدارة الأزمات"([25]).
ومن أبرز سمات المعالجة الإعلامیة والصحفیة العربیة للظاهرة ترکیزها على الحدث أکثر من الترکیز على الإرهاب کظاهرة لها أسبابها وعواملها، حیث تتوارى فی الغالب معالجة جذور هذه الظاهرة وأسبابها العمیقة السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة والدینیة ما یجعلها تبدو وکأنها مجردة ومطلقة، "حیث تسود فی الغالب معالجة العملیة الارهابیة کحدث منعزل ولیس کعملیة تجری فی سیاق معین وتحدث فی بیئة معینة، إضافة إلى هیمنة الطابع الإخباری على التغطیة الاعلامیة والصحفیة العربیة وتغییب التغطیة ذات الطابع التحلیلی والتفسیری؛ الأمر الذی یؤدی إلى بقاء المعالجة الاعلامیة على سطح الحدث أو الظاهرة ما یضعف قدرتها على الإقناع ویفقدها التأثیر الفاعل والملموس([26]).
کما لابد للتغطیة الإعلامیة للإحداث الإرهابیة على النطاق العربی أن تتسم بالعمق والتحلیل ولا تکتفی بالتناول السطحی الذی یقتصر على الإخبار أو الإعلام والنشر فقط، فالتحدیات التی تشهدها المنطقة العربیة تحتم على الإعلام الإسهام بفعالیة لبحث ودراسة ومعالجة الظاهرة کخطوات مهمة فی التصدی للإرهاب، من خلال إیجاد نظام إعلامی موحد یعتمد علیه فی مد وسائل الإعلام العربی بالتحلیل والتفسیر وتقدیم رؤیة استراتیجیة تحول دون اتساع ظاهرة الإرهاب وتتصدی لوجودها إلى جانب ضرورة إجراء البحوث والدراسات واستقصاء الرأی واستطلاع الشباب لیتمکن الإعلام العربی من مواجهة دعایة الإرهاب، فضلاً عن الدور المهم فی تحسین صورة العربی والمسلم الموضوعتین فی أعلى قائمة الاتهام الدولی.
وتتضح أهمیة تزوید وسائل الإعلام بالمعلومات والدراسات والتفسیرات التی تسهم فی توعیة الجمهور وتفعل دوره فی الوقایة ومکافحة الإرهاب، "وعدم اتخاذ أی تعبیر یفضی للعنف أو الإرهاب کوسیلة للتعبیر عن السخط أو الاعتراض أو المطالبة بالحقوق، فالإرهاب وسیلة للتدمیر لا تصلح للبناء، وهو المبدأ الذی لابد أن ترسخ له وسائل الأعلام عبر الحملات الإعلامیة الرامیة لمجابهة الإرهاب أو من خلال الرسائل الإعلامیة التی ترسخ لأهمیة الوقایة من الإرهاب ثم مواجهته عند ظهوره"([27]).
إن تعاطی أی نظام صحفی وإعلامی مع قضایا الإرهاب یختلف فی ضوء اعتبارات عدة، من بینها مضمون القضیة أو طبیعة الحدث وحجم القضیة وتوقیتها ([28])، کما تنطوی قضایا الإرهاب التی لابد أن تتعاطى معها الأنظمة الصحفیة والإعلامیة على الکثیر من العناصر التی تنشغل بها الصحیفة وتتابعها خبرًا وتحلیلًا، ومن ذلک: تحدید نوع القائمین بالإرهاب (منظمات- جماعات- أفراد- حکومات- دول)، تحدید المستهدفین من أعمال العنف والإرهاب (مدنیین- عسکریین- أصحاب دین معین أو جنسیة معینة)، تحدید الغرض من الإرهاب (أهداف سیاسیة- اقتصادیة- اجتماعیة- الإضرار بالمصالح العامة)([29]).
وإذا کانت بعض الدراسات قد توصلت إلى أن وسائل الإعلام تنحاز إلى جانب الحکومة فی مواجهة الإرهاب، من خلال إنتاج أطر إعلامیة تتبنى وتؤید مواقف الحکومة، على حساب رسالة الإرهاب التی تسعى إلى الاتصال بالشعب والتواصل معه عبر وسائل الإعلام المختلفة([30]).
وفی بعض الأحیان، وبدون قصد فی الغالب، تقوم وسائل الإعلام بالترویج لغایات الإرهاب وأهدافه وإعطائه هالة إعلامیة لا یستحقها([31])، کما یستخدم الإرهابیون وسائل الإعلام للاتصال بالسلطات والحصول على معلومات من وسائل الإعلام لیحللوا الأسالیب والطرق المختلفة للضغط على خصومهم([32])، حیث تشیر بعض الدراسات التی اهتمت بتناول ظاهرة الإرهاب إلى اهتمام الإرهابیین بالبعد التواصلی وبرمزیة کل عمل إرهابی یقومون به ([33])، وهو الأمر الذی یتحقق من خلال تناول وسائل الإعلام للحوادث الإرهابیة وتبعاتها على نحو مثیر، بشکل تصبح معه وسائل الإعلام مسرحًا للصراعات، خاصة وأنه من المعروف أن لوسائل الإعلام تأثیر على صناعة السیاسة واتخاذ القرارات فی کثیر من الأحیان([34]).
نظریات المعالجة الإعلامیة لقضایا الإرهاب:
وفیما یتعلق بتحدید نوع المعالجة الإعلامیة لقضایا الإرهاب، توجد نظریتان رئیسیتان تطرحان مدى تأثیر التغطیة الإعلامیة للإرهاب على الرأی العام وهما کالآتی([35]):
1- نظریة العلاقة السببیة بین الخطاب الإعلامی والإرهاب: ووفقًا لهذه النظریة فإن التغطیة الإعلامیة للإرهاب تؤدی إلى انتشار ظاهرة الإرهاب، حیث تتکاثر العملیات الإرهابیة کنتیجة طبیعیة للتغطیة الإعلامیة، وحسب هذه النظریة هناک ثلاثة أنواع للتأثیرات الإعلامیة هی: الوعی والتبنی، انتشار العدوى، الوساطة. "فالوعی والتبنی" یشیران إلى أن التغطیة الإعلامیة لحوادث الإرهاب ترفع مستوى وعی الجماهیر عامة والجماعات الأکثر میلا خاصة، أما أثر "انتشار العدوى" فیعنی أن التغطیة الإعلامیة تفرز العدید من العملیات الإٍرهابیة. و"الوساطة" تعنی إمکانیة وجود تدخل فعلی من جانب الصحافیین، للوساطة بین الإرهابیین ورجال الشرطة أو المسؤولین بالدولة.
وتدعو هذه النظریة الحکومات إلى المزید من القیود على وسائل الإعلام، فهی تفترض أن وسائل الإعلام ترتبط عضویًا بالإرهاب، فالإرهاب یعتمد على الإعلام لتحقیق المزید من الفزع فی أوساط الجماهیر وللحصول على الشرعیة لدى السلطة، فی المقابل یعتمد الإعلام على التهویل فی تغطیته للإرهاب قصد تحقیق أکبر ربح ممکن من خلال زیادة المبیعات. فالعلاقة بین الطرفین تأخذ شکلاً دائریًا لا ینتهی، حیث یستفید کل طرف منهما من الطرف الآخر.
إن هذا التصور العلمی یرى أن وسائل الإعلام ضحیة للإرهاب، فهی إما تتناول الحدث الإرهابی وتحقق أثرًا نفسیًا مروعًا، وإما تتجاهله بسبب قیود الحکومات فتفقد بذلک مصداقیتها.
2- نظریة الخطاب الإعلامی والإرهاب والعلاقات المتباعدة: یرى أصحاب هذه النظریة أنه لا یوجد دلیل علمی على أن التغطیة الإعلامیة للإرهاب هی المسؤولة عن مضاعفة العملیات الإرهابیة، فلیس هناک أیة علاقة قائمة بین المتغیرین، ولهذا یدعوا أصحاب هذه النظریة إلى عدم التدخل فی أداء وسائل الإعلام عامة وفی علاقتها بالإرهاب خاصة، لأنه من غیر المعقول حسب رأیهم أن تکون هناک علاقة بین الطرح الإعلامی لقضایا الإرهاب وزیادة معدّله، علاوة على هذا فهم یرون فی حرمان الإرهابیین من الوصول إلى وسائل الإعلام یُسهم فی زیادة معدّل الإرهاب، لأن الإرهابی یرید أن تصل رسالته إلى الطرف الثالث، وفی حالة عدم وصولها من خلال وسائل الإعلام، سیعتمد الإرهابیون على تکرار الأحداث باستخدام وسائل أکثر شناعة فی مختلف الأماکن وعبر فترات زمنیة مختلفة، لیحققوا بذلک خسائر مادیة وبشریة کبیرة، تُمکنهم من إیصال رسالتهم وتحقیق أهدافهم.
وفی الأخیر یمکن القول حول ما قدمته النظریتین، بأنه لا یمکن نفی تأثیر المعالجة الإعلامیة لأحداث العنف والإرهاب فی خلق رأی عام مؤید أو معارض لها، ولکن هذا لا یعنی بأن حریة النظم الإعلامیة تشکل سببا للإرهاب، بل فرض قیود على وسائل الإعلام وغیاب حریة التعبیر وحجب المعلومات هو الذی سیؤدی إلى تنمیة فکر متطرف لیتحول إلى فکر ذو طبیعة إرهابیة، خاصة وأن العالم یشهد ثورة معلومات تُتیح للجمیع بما فیها الجماعات الإرهابیة التحرر من کل أنواع القیود التقلیدیة.
سمات المعالجة الإعلامیة لقضایا الإرهاب:
ومن خلال ما سبق وما طرحه خبراء الإعلام وما خلصت إلیه العدید من الدراسات فی سیاق المعالجة الإعلامیة؛ یمکننا سرد سمات المعالجة الإعلامیة العربیة للظاهرة الإرهابیة وللعملیات الإرهابیة فی عدة نقاط([36]):
1- الترکیز على الحدث أکثر من الترکیز على الظاهرة. یعطی الإعلام العربی اهتمامًا للعملیات الإرهابیة أکثر من الاهتمام الذی یعطیه للإرهاب کظاهرة لها أسبابها وعواملها.
2- هیمنة الطابع الإخباری على التغطیة الإعلامیة العربیة للعملیات الإرهابیة، وتقدیم تغطیة متعجلة وسریعة، وربما أحیانًا سطحیة، تهتم أساسًا بتقدیم جواب عن سؤال: ماذا حدث؟!
3- تغیب فی الغالب، التغطیة الإعلامیة ذات الطابع التفسیری والتحلیلی، کما تغیب التغطیة ذات الطابع الاستقصائی، الأمر الذی یؤدی إلى بقاء المعالجة الإعلامیة على سطح الحدث والظاهرة.
4- تتوارى فی الغالب، معالجة جذور الظاهرة الإرهابیة وأسبابها العمیقة السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة والدینیة، وهذا ما یجعل الظاهرة تبدو وکأنها مجردة ومطلقة، وتقع خارج حدود الزمان والمکان والمجتمع، وهذا ما یضعف قدرة التغطیة على الإقناع، لأنه یفقدها طابعها الملموس.
5- تسود فی الغالب، معالجة العملیة الإرهابیة کحدث منعزل، ولیس کعملیة تجری فی سیاق معین، وتحدث فی بیئة معینة.
6- لا تنطلق التغطیة الإعلامیة العربیة للظاهرة الإرهابیة وللعملیات الإرهابیة من الإستراتیجیة الإعلامیة للإرهابیین، وبالتالی تتعثر خطوات هذه التغطیة فی مواجهة إعلام الإرهابیین.
7- لا یتوفر لدى الکثیر من وسائل الإعلام العربیة کادر إعلامی مؤهل ومختص، قادر على تقدیم معالجة إعلامیة مناسبة لهذه الظاهرة المعقدة والمتشابکة والمتعددة الأبعاد.
8- لا تعتمد وسائل الإعلام العربیة، فی الأعم الأغلب، على الخبراء والمختصین فی المجالات الأمنیة والاجتماعیة والنفسیة والثقافیة والدینیة والتربویة لمعالجة الجوانب المختلفة للظاهرة الأمنیة، کما لا تتعاون، کما یجب، مع المؤسسات التربویة والدینیة والاجتماعیة المعنیة بمواجهة الظاهرة الإرهابیة.
9- یغلب على التغطیة الإعلامیة العربیة للظاهرة الإرهابیة الطابع الرسمی والاعتماد، فی الغالب، بشکل مطلق على مصدر واحد، وهو المصدر الرسمی، وهذا ما یضفی علیها طابعًا بالغ الرسمیة، وربما الجمود، لا یتوافق مع الخصائص الذاتیة للإعلام.
10- تتمیز التغطیة التی یقدمها الإعلام العربی للظاهرة الإرهابیة بعدم الانتظام وعدم الاستمراریة، ولذلک تأتی هذه التغطیة متقطعة، تزداد کثافة أثناء العملیات والمناسبات والمؤتمرات، ثم تضعف، وتتوارى، وربما تختفی نهائیًا وهذا ما یؤثر سلبیًا فی قوة تأثیرها.
11- لا تقوم التغطیة الإعلامیة العربیة للظاهرة الإرهابیة، فی کثیر من الأحیان على قواعد علم الإعلام ونظریاته، ولا تستخدم مداخل إقناعیة مناسبة، ولا تنطلق من نظریات تأثیر مناسبة، بل ربما تتسم هذه التغطیة بالعفویة والارتجال وعدم التخطیط، الأمر الذی یجعلها تغطیة تفتقر إلى الإطار المرجعی الذی یحقق لها التماسک المنهجی.
12- تقع هذه التغطیة فی أحیان کثیرة فی فخی التهوین أو التهویل بالظاهرة الإرهابیة. وهذا ما یؤثر سلبیًا على مصداقیة هذه التغطیة وعلى مقدرتها على الوصول والتأثیر.
13- تفتقر الممارسة الإعلامیة العربیة إلى وجود أی قدر من التعاون والتنسیق على مستوى عربی من أجل تقدیم تغطیة ذات طابع عربی عام ومشترک لهذه الظاهرة.
واستنادًا إلى ما تَقَدَّم یمکن تقسیم سمات التغطیة الإعلامیة العربیة للظاهرة الإرهابیة إلى نوعین أساسیین([37]):
1- سمات ذاتیة: توجد أسبابها فی الظروف الذاتیة للمؤسسة الإعلامیة، ویقع حلها، بالتالی، داخل هذه المؤسسة، بمعنى أن حلها إعلامی، یتعلق بالأداء الإعلامی، وبالمهارات الإعلامیة.
2- سمات موضوعیة: توجد أسبابها فی الظروف الموضوعیة السائدة فی جوانب متعددة فی حیاة الدولة والمجتمع، ویقع حلها، وبالتالی، خارج إطار المؤسسات الإعلامیة، بمعنى أن حلها لیس إعلامیًا، بل هو سیاسی واجتماعی واقتصادی وثقافی.
من ناحیة أخرى قد تؤدى بعض المعالجات الإعلامیة عن العملیات، وتضارب المعلومات والأخبار والقصص حولها إلى بث بعض من البلبلة والغموض، مما قد یؤدى إلى هروب بعض الفاعلین، أو عدم القدرة على تحدید الجهات القائمة بالعمل الإرهابی.. وفی بعض الأحیان، "تؤدى بعض التغطیات الإعلامیة محدودة المستوى والکفاءة المهنیة إلى خلق تعاطف بعض الجمهور مع الإرهابى"([38])، بل إن المعالجة الصحفیة "قد تسهم فی مساندة الإرهاب الفکری والنفسی بما تنقله إلینا هذه الصحف من الأخبار وتحکمها فی العقول؛ فخبر واحد کافی لإسقاط دولة أو رفعتها"([39]).
کما أن الکثافة فی عرض المضمون الخاص بالإرهاب له آثار سلبیة على الجمهور؛ "فالترکیز الکبیر على مثل هذه الموضوعات قد یأتی بنتائج عکسیة، تجعل المتلقی لا یبالی بمشاهد ضحایا الإرهاب، فیعمل على إلهاء نفسه بمشاهد مسلیة بقنوات أخرى لسببین: إما لأن عواطفه لا تتحمل مشاهد الدمار، وإما لتولد شعور اللامبالاة عنده؛ إذ أصبحت القضیة مشهدًا عادیًا لا یعنی له شیئًا؛ لتکرار المشاهد التی تقلل من قیمة الإنسان، وهذا الشعور السلبی ولدته وسائل الإعلام"([40]).
وکذلک تقوم بعض وسائل الإعلام، عبر بعض أسالیب تغطیة الحوادث الإرهابیة المتعاطفة، إلى دور إیحائى وتخییلى وتحفیزى لعناصر تنتمى إلى أجیال جدیدة ودفعها إلى الانخراط فی مجموعات عنف وإرهاب قائمة، أو تشکیل أخرى، وهذه واحدة من أخطر مساوئ بعض المعالجات الإعلامیة الخاطئة للحوادث الإرهابیة.
الضوابط الإعلامیة فی التعامل مع ظاهرة الإرهاب:
لا یمکننا إغفال الدور الذی یؤدیه الإعلام فی تغذیة أو دعم أو ظهور العنف والإرهاب والتطرف من خلال استغلال الإرهابیین له فی تسویق أغراضهم وغایاتهم وتوظیفها فی تضلیل الأجهزة الأمنیة ومحاولة السیطرة على الرأی العام عن طریق نشر أخبار العملیات الإرهابیة التی یقومون بتنفیذها، حیث یرون فی التغطیة الإعلامیة لجرائمهم معیارًا مهمًا لقیاس مدی نجاح فعلهم الإرهابی، لدرجة أن البعض منهم اعتبر العمل الإرهابی الذی لا ترافقه تغطیة إعلامیة عملاً فاشلاً([41]).
وإیمانًا بالدور الهام الذی یضطلع به الإعلام فی مکافحة الإرهاب، فلابد من وضع مجموعة من الضوابط للمعالجة الإعلامیة والصحفیة لقضایا الإرهاب لتسهم إسهامًا فعالاً فی نشر الثقافة العلمیة والدینیة بخاصة، مما تعد سیاجًا یحمی الشباب من ظواهر التطرف والبعد عن الاعتدالیة، فی وقت أضحت فیه وسائل الإعلام الغربیة ومع ظهور الإسلاموفوبیا تتفنن فی إیجاد علاقة وطیدة ما بین الإسلام والإرهاب وما بین کل من یخرج عن طاعة أمریکا والغرب والإرهاب، و"إنطلاقًا من الصور النمطیة والأفکار المسبقة والمشوهة التی تقوم بها وسائل الإعلام بتقدیم أخبارًا ملونة الهدف منها النیل من العرب والمسلمین وربط الإرهاب بالإسلام لیبقى الصراع مستمرًا ودائمًا بین الغرب الذی یرید بکل الوسائل والطرق إقصاء الآخر وفرض ثقافته وأفکاره وقیمه على العالم بأسره"([42]).
ویتحدد دور وسائل الإعلام فی معالجتها الإعلامیة لقضایا الإرهاب ومکافحته وتحقیق ما یعرف بالأمن الإعلامی عبر التعامل بعمق ومهنیة مع الظاهرة الإرهابیة ولیس الحدث الإرهابی، "وفی إطار الدور الحر والمسؤول للإعلام، والالتزام بأخلاقیات المهنة الإعلامیة من خلال توظیف عدة استراتیجیات فی هذا السیاق مثل الترکیز على تغطیة الهجمات الإرهابیة الجدیدة، وعدم ربط الهجمة الحالیة بالهجمات الأخرى القدیمة التی قامت بها الجماعات الإرهابیة لمنع الانتشار عبر التکرار، فضلا عن عدم إضفاء طابع عاطفی أو مثیر عند تغطیة ومعالجة الأنشطة الإرهابیة"([43]).
فمما لا شک فیه أن الدور الإعلامی فی التغطیة والمعالجة لقضایا الإرهاب من أهم الأدوار، وله تأثیر کبیر فی توجیه الرأی العام الوجهة الرشیدة لذلک "یجب أن یکون الخطاب الصحفی فی تلک الصحف معتدل ومتزن بما یسهم فی خلق الشخصیة الإیجابیة المعتدلة والمتوازنة، لذلک فإن مسئولیة محرری هذه الصحف کبیرة فی توعیة الرأی العام، والبعد عن حملات التشکیک والتشهیر بقیم المجتمع، والتی تؤثر تأثیرًا سلبیًا مباشرًا، وتؤدی- فی النهایة- إلى الانحراف النفسی والفکری والذی ینتج عنه بطبیعة الحال التمرد على المجتمع، أو ما یسمى بظاهرة الإرهاب"([44]).
إن التغطیة الإعلامیة للقنوات الفضائیة والصحف لقضایا الإرهاب سلاح ذو حدین: الإیجابی فیها عندما تناقش أخبار جهود مکافحة الإرهاب وتقدیم المعلومات الصحیحة والتحلیلات الموضوعیة للأحداث ودعم الانتماء والمحبة فی المجتمع، أما الجانب السلبی فیتمثل فی الضرر الذی قد یحدثه بالتحیز للإرهابیین وتهویل ما یحدث، وفی هذا الصدد "یجب على القائمین بالاتصال فی هذه القنوات والصحف أثناء تغطیتهم ومعالجتهم الابتعاد قدر الإمکان عن لقطات انتصار الإرهابیین وقتل الضحایا حتى لا تثیر المشاهدین ولا الأطراف الأخرى وانتقاء لقطات لبثها إلا إذا اقتضت الضرورة وعدم تصویر الإرهابی على أنه بطل ربح المعارک مع الحکومات"([45]).
ومن الأهمیة بمکان "الترکیز على تغطیة صحفیة مخططة تهدف لمقاومة الإرهاب عبر عدد من المحاور لعل من أهمها الوقایة من الإرهاب عبر الترسیخ لقیم الدین الحنیف الداعی للتعاون على البر والتقوى والنهی عن الإیذاء، ثم مکافحة والتصدی للظاهرة عبر تقدیم الدراسات والحوارات العلمیة التی تبین عورات الإرهاب"([46])، ثم المساهمة فی القضاء على أثار الإرهاب وما یخلفه من أضرار على الفرد والمجتمع والدول فی ذات الوقت عبر توجیه المجتمع لکیفیة التعامل مع الجهات الداعیة للإرهاب وکیفیة مجابهتها، من خلال تغطیة صحفیة ومعالجة إعلامیة لابد أن توجه فی المقام الأول للتصدی للإرهاب وقضایاه واقتلاعه من جذوره.
فلابد أن تلتزم وسائل الإعلام بالحیاد والأخلاقیات المهنیة فی تداول المعلومات عن ظاهرة الإرهاب حتى لا تخلق الشعور بالاحتقان السیاسی لدى جمهور المشاهدین والقراء؛ بل علیها أن تساهم فی تقدیم الحلول والنصائح للمشاهد والقاریء والتشجیع على رفع الروح المعنویة وتساهم فی تثقیف المشاهد والتصدی للأفکار الإرهابیة والتوعیة بالأخلاق الوطنیة، لأنه ومن المؤسف قیام بعض وسائل الإعلام، عبر بعض أسالیب تغطیة الحوادث الإرهابیة المتعاطفة، إلى دور إیحائى وتخییلى وتحفیزى لعناصر تنتمى إلى أجیال جدیدة ودفعها إلى الانخراط فی مجموعات عنف وإرهاب قائمة.
وهناک العدید من الباحثین الإعلامیین یرون أن الإعلام فشل فی التعامل مع الإرهاب، "وهذا الفشل یتمثل فی عجزه عن تزوید قرائه ومشاهدیه بصورة واضحة وخلفیة دقیقة عن الأحداث الإرهابیة، وهذا أدى إلى بروز تفسیرات متضاربة عن قضایا الإرهاب وتداعیاتها، تختلط فیها المعالجة الإعلامیة بالحملات الدعائیة"([47]).
إن عرض المناظر والمشاهد المأساویة وتصویر الأضرار بشکل متکرر ومبالغ فیه من قِبل وسائل الإعلام فی معالجتها وتغطیتها لقضایا الإرهاب، إضافة إلى بث وجهات نظر الإرهابیین التی یقصد منها إثارة الخوف، تشکل خطورة وتنطوی على ردود فعل سلبیة من شأنها خدمة العمل الارهابی، "خاصة فی ظل تنافس وسائل الاعلام المختلفة على النقل الفوری للأحداث المتعلقة بالإرهاب من أجل تحقیق سبق صحفی، لاستقطاب أعداد متزایدة من جمهور القراء والمشاهدین، والذی قد یکون على حساب القیم الأخلاقیة والإنسانیة التی ترفض المساعدة فی نشر العنف والتطرف"([48]).
فلابد من تجنب الاهتمام بالسبق الصحفی/ الإعلامی على حساب الحقیقة والصالح العام، ومن ثم عدم الانسیاق وراء السبق المروج لأفکار هدامة أو لأفکار العناصر الإرهابیة فی بعض الأحیان، بعبارة أخرى فإن تحقیق السبق قد یکون أمرًا مهمًا ولکن الأهم أن یتم ذلک على نحو سلیم، ذلک أن الدقة أکثر أهمیة من السرعة، وتحقق مصداقیة الوسیلة الإعلامیة والإعلامی عند الجمهور، "کذلک لابد من التعامل الحذر مع البیانات والتصریحات الإعلامیة التی تصدر عن التیارات الإرهابیة، حتى لا تکون وسائل الإعلام وسیلة ترویج لتلک التیارات الخارجة عن القانون"([49]).
کما أن عدم التخصص وضعف الخلفیة المعرفیة للقائمین على التغطیة الإعلامیة والمعالجة الصحفیة التی تتعامل مع قضایا الإرهاب له الأثر السلبی فی إیجاد الحلول المناسبة لها، وتحولها إلى مجرد تغطیة سطحیة وأحیانا تحریضیة وإتهامیة تنطوی على اتهامات وأحکام مسبقة وربما مبیتة، تجعلها عاجزة عن فهم خطاب الجماعات المتطرفة الإعلامی ومنظوماتها ومرجعیاتها الفکریة والتنظیمیة. وفی حالات کثیرة تمیل المعالجة الاعلامیة لظاهرة الارهاب إما إلى التهوین وإما إلى التهویل، مما یؤثر فی مصداقیة هذه التغطیة ویحد من قدرتها على التأثیر بسبب طغیان البعد الدعائی على البعد الإعلامی الموضوعی.
ولذا فلابد فی المعالجة الصحفیة لقضایا الإرهاب الابتعاد عن أسلوب التهوین وأسلوب التهویل، فالتهوین المبالغ فیه من شأن الظاهرة الإعلامیة یجانب الحقیقة ویضلل الجماهیر ویزعزع ثقة المواطنین بالإعلام ونظمه ومؤسساته، کما أن التهویل المبالغ فیه، یجانب أیضا الحقیقة وینشر الذعر والخوف، لیس فی أوساط المواطنین فقط، بل فی أوساط الأجهزة الرسمیة المعنیة مباشرة بالتصدی للظاهرة وخاصة الأجهزة الأمنیة، وکله من شأنه أن یخدم الإستراتیجیة الإعلامیة للإرهابیین ویصب فی مصلحتهم.
وفی السیاق ذاته یرى أساتذة الإعلام ضرورة مراعاة بعض التوجهات التقنیة والمهنیة لیکون التعامل الإعلامی للحادث الإرهابی موضوعیًا ومنها التعامل مع الخبر بموضوعیة تامة مع التعرّف على کیفیة التحکم بنشره وتوقیته، الابتعاد قدر الإمکان عن الإثارة فی طریقة نشر الأخبار المتعلقة بالأحداث الإرهابیة، وضرورة الترکیز على طریقة صیاغة الخبر بشکل یؤمن إیصال الحقیقة، ومراعاة عدم تأثیرها سلبًا فی نفوس المواطنین، والتحذیر من إخفاء الحقائق بما یضعف بدون شک صدقیة الإعلام کما یجب التعامل معها کأحداث مأسویة عادیة لمنع الإرهاب من اکتساب صفة البطولة ومراعاة الحذر فی ما یتعلق بنشر أحادیث تتناول الأحداث الإرهابیة وخصوصًا تلک التی توصل الآراء المؤیدة لوجهات نظر الإرهابیین إلى الرأی العام، وهو تدبیر من شأنه منع الإرهاب من استغلال الإعلام للبروز.
إن تغطیة الأنشطة الإرهابیة من قبل وسائل الإعلام تقوم بدورًا أساسیًا فی التأثیر على الجماهیر، وهو الهدف الأساسی من قیام الإرهابیین بتلک الأنشطة؛ إذ أن الدعایة والترویج لقضیتهم من أهم العناصر التی یعتمدون علیها فی نشر أفکارهم والقدرة على استقطاب مزید من الأفراد إلى صفوفهم([50])، فمن الملاحظ فی هذا الشأن أنه عقب تنفیذ بعض العملیات الإرهابیة تعلن العناصر الإرهابیة التی نفذت العملیة مسئولیتها عن الحادث الإرهابی، لتنجز هدفًا رئیسیًا من أهدافها هو الدعایة من خلال النشاط الإرهابی فیما یعرف بـ(Propaganda of the deed)([51]).. وهو ما یستوجب على وسائل الإعلام وضعه فی اعتبارها جیدًا أثناء تغطیتها ومعالجتها للعملیات الإرهابیة.
وعند الأخذ فی الاعتبار عن کیفیة مقدرة وسائل الإعلام فی ترتیب أولویات الجمهور، فهی لا تستطیع أن تقدم جمیع الموضوعات والقضایا التی تقع فی المجتمع، وإنما یختار القائمون على هذه الوسائل بعض الموضوعات التی یتم الترکیز علیها بشدة والتحکم فی طبیعتها ومحتواها، وهذه الموضوعات تثیر اهتمامات الناس تدریجیًا، وتجعلهم یدرکونها، ویفکرون فیها، ویقلقون بشأنها، وبالتالی تمثل هذه الموضوعات لدی الجماهیر أهمیة أکبر نسبیًا من الموضوعات الأخرى التی لاتطرحها وسائل الإعلام([52]).
إذ یمکن لوسائل الإعلام أن تحقق رغبات الجمهور فی الحصول على المعلومات وتحدد وجهة المعلومات التی تسهم فی تثقیف وتنویر الجمهور أی یمکنها أن تسهم بفعالیة فی مکافحة الإرهاب والتصدی له من خلال إشباع رغبات الجمهور وجعل القضیة على درجة من الأهمیة.
فإلی جانب الاشتراک والإسهام فی إدارة الأزمات التی تسببها الأحداث الإرهابیة یمکن لوسائل الإعلام والصحافة فی مقدمتها (وذلک لخصائص الصحافة ومقدرتها فی تقدیم دراسات ومعلومات تسهم فی معالجة القضایا) من الترکیز عبر مواد إعلامیة وتغطیة صحفیة مخططة تهدف لمقاومة الإرهاب" عبر عدد من المحاور لعل من أهمها الوقایة من الإرهاب عبر الترسیخ لقیم الدین الحنیف الداعی للتعاون على البر والتقوى والنهی عن الإیذاء، "ثم مکافحة والتصدی للظاهرة عبر تقدیم الدراسات والحوارات العلمیة التی تبین عورات الإرهاب، ثم المساهمة فی القضاء على أثار الإرهاب وما یخلفه من أضرار على الفرد والمجتمع والدول فی ذات الوقت عبر توجیه المجتمع لکیفیة التعامل مع الجهات الداعیة للإرهاب وکیفیة مجابهتها"([53]).
دور وسائل الإعلام فی مکافحة الإرهاب:
وهنا بإمکان وسائل الإعلام وبخاصة الصحف القیام بدور حیوی فی مجال مکافحة الإرهاب، من خلال قدرتها على دعم ومساندة الآراء المناهضة للعنف، والتأکید فی معالجتها الصحفیة على النهایة المأساویة للإرهابیین، من خلال الجزم بعدم قدرتهم على الإفلات من العقاب أو المسألة، وإلقاء الضوء على العملیات العسکریة والأمنیة التی تقوم بها القوات المسلحة والشرطة فی سیناء والمعروفة إعلامیًا بـــ(العملیة العسکریة الشاملة "سیناء 2018")([54]) والنجاحات التی تحققها من أجل استئصال هذا الورم الخبیث، واقتلاع العناصر الإرهابیة التی تهدد أمن واستقرار مصر.
کما یجب أن تنطلق التغطیة الإعلامیة والمعالجات الصحفیة من معطیات العملیة الإرهابیة المحددة والراهنة، ومن ثم تتجاوزها لتصل إلى السیاق العام، وتسعى عبر استخدام الفنون الصحفیة الحدیثة تقدیم التفسیر والتحلیل للأبعاد المختلفة للعملیة الإرهابیة، ومعناها، ومغزاها، وربطها بالسیاسة العامة للإرهابیین وأهدافهم، وتوظیف ما یمکن استنتاجه من العملیة لدحض آراء ومواقف الإرهابیین وإفشال سیاستهم الإعلامیة([55]).
فلابد وأن تعتنی الصحف بمعالجة صحفیة لقضایا الإرهاب بتقدیم طابع تحلیلی وتفـسیری واستقصائی للعملیات الإرهابیـة، ولیس طابعًا خبریًا مثل الأخبار والتقاریر والتی تقدم معلومـات عـن الحـدث الإرهابی الراهن دون معالجة جذور هذا الحـدث وسیاقه؛ والترکیز على أشکال الفنون الصحفیة الأخرى- کـ(المقال والتحقیـق والحدیث الصحفی (الحوار) والندوة)-، التی تهتم بتقدیم قراءة معمقة للحـدث الإرهابی، ووضعه ضمن السیاق العام الذی أنتجـه، وتتقـصى أسبابه ودوافعه، وتبحث عن سبل مواجهته، وبهذا تمکِّن القارئ من فهم مغزى الحدث ومعناه، بدلا من الاقتصار على معرفة ماذا حدث؟.
ومما ینبغی التأکید علیه هو ضرورة الانتباه إلى "عدم تقدیم تغطیة تعطی انطباعًا بضعف النظام، أو بارتباک الأجهزة الأمنیة وتعثر جهودها فی المواجهة مع الإرهاب والتعامل معه، ولا یعنی ذلک تقدیم تغطیة غیر واقعیة للعملیة الإرهابیة، بقدر ما یعنی التعامل مع العملیة الإرهابیة إعلامیًا دون إغفال جوانب القوة والضعف عند کل من الإرهابیین والمؤسسات المعنیة بالتصدی لهم"([56])، ودون أن یعنی أیضًا الاندفاع باتجاه إخفاء الحقائق أو تشویهها، بل تقدیم تغطیة شفافة ودقیقة وموضوعیة قادرة على التحلیل والتفسیر.
إذن لابد من الابتعاد عن العفویة والارتجال فی المعالجة الإعلامیة للعملیات الإرهابیة، وإتباع منهج علمی یقوم على أسس سلیمة، ویعمل وفق منطلقات معرفیة وفکریة وسیاسیة واضحة، وذلک لضمان نشر ثقافة إعلامیة أمنیة قادرة على توعیة المواطنین بالظاهرة الإرهابیة وتحصینهم ضدها وإبعادهم عن تأثیر الإرهابیین ودفعهم للتعاون والإسهام فی مواجهة الظاهرة، ومن جانب آخر الانتباه إلى کل ما یؤدی إلى تحیید الجمهور أو إلى تعاطفه مع الإرهابیین.
وإذا کان على الإعلام دور کبیر فی مواجهة الظاهرة الإرهابیة وکشف خطورة هذه الجرائم وأبعادها المختلفة، فإن الأمر یتطلب إمداد وسائل الإعلام المختلفة بالبرامج الجادة والکتابات الرصینة، للمفکرین ورجال الدین([57]) وخبراء علم النفس والاجتماع، من أجل تقدیم معالجة صحفیة موضوعیة تقوم على أساس استقاء معلومات صحیحة ودقیقـة، والاستعانة بالخبراء والمختصین، وتکثیف عرض المضامین والأفکار الرافضة للإرهاب من طرف النخب، وفی مقدمتهم العلماء لتکوین آراء معتنقة لهذا الرفض والمشارکة فی محاربته، کذلک الاعتماد على مصادر مهمة وموثوقة وتقدیم استراتیجیات وحلول ناجعة لمواجهة هذه الظاهرة، و"ألا تکون وسائل الإعلام سلبیة، وألا تکون تغطیتها مجرد رد فعل لما تتخذه السلطات الرسمیة من إجراءات"([58]).
وبناء على ذلک فلابد من أن تهتم وسائل الإعلام وبخاصة الصحف بإیجاد خطة عملیة مشترکة ومعالجة مستمرة للتعامل مع ظاهرة الإهاب، وألا یکون هذا التعامل فی شکل ردود أفعال مؤقتة لأحداث إرهابیة متفرقة حال حدوثها وحسب، بل تقوم بتقدیم وشرح ونقد وتفنید الأفکار الإرهابیة بشکل موحد وواضح ومتشابه ومستمر، یضمن التأثیر الفعال والإیجابی على القراء بما یرسخ ثقافة مضادة للإرهاب، تسهم فی تجفیف منابعه وفی عزل الفکر الإرهابی وإظهار ضعفه وهشاشته وعدم تماسکه.
ولذلک فنحن بحاجة ماسة إلى صحافة تستخدم معالجة وخطابًا صحفیًّا مستنیرًا یعمق الوسطیة ویعترف بالآخر، ویقوم بدور التوعیة، وتصحیح المفاهیم الخاطئة، وینشر سماحة الإسلام وأنه دین الإنسانیة والرحمة وینبذ العنف ویقاوم التطرف ویرفض الإرهاب بشتی صوره.
ولعل کل ما سبق من ضوابط یستلزم عقد دورات تدریبة ومهنیة للعاملین فی المؤسسات الإعلامیة على أساسیات العمل الإعلامی واحترامه، والالتزام بالمعاییر الأخلاقیة والمهنیة فی التغطیة الصحفیة والمعالجة الإعلامیة لکل ما یتعلق بقضایا الإرهاب لتفویت الفرصة على الإرهاب للاستئثار بالإضاءة الإعلامیة التی یسعى إلیها.
ومن أجل کل ما سبق؛ فنحن فی أشد الحاجة إلى تغطیة صحفیة ومعالجة إعلامیة تتخذ الصدق منهاجًا لا یفارقها، من خلال صدق الکلمة، صدق الحکم.. من أجل إعلام یتجه للهدایة لا التضلیل، والتهویل.
([2]) إسماعیل حمدی محمد، الإعلام ودوره فی الوفاء بحاجات الشباب فی مجتمع متغیر، ط1، (عمّان: دار المعتز للنشر والتوزیع، 2017)، ص372.
([3]) Huyghe, François-Bernard, “Terrorisme et medias”, (Visited on 5 July 2015(
http://www.huyghe.fr/conference_21.htm
)3) إسماعیل وصفی الآغا، معالجة الصحف العربیة لظاهرة الإرهاب، دراسة تحلیلیة لعدد من الصحف العربیة، رسالة ماجستیر، غیر منشورة، قسم العلوم الاجتماعیة، کلیة الدراسات العلیا، جامعة نایف العربیة للعلوم الأمنیة، 2004م،ص ص111-113.
([5]) ثریا البدوی، الإعلام أوکسجین الإرهاب، جریدة روزالیوسف، بتاریخ14/4/2017، متاح على الرابط : http://www.rosaelyoussef.com/article/22719
([6])رامی عطا صدیق، فاطمة شعبان أبو الحسن، القائم بالاتصال وإشکالیات معالجة قضایا الإرهاب، "استطلاع رأی الإعلامیین حول استراتیجیة إعلامیة لمواجهة الظاهرة الإرهابیة"، بحث مقدم للمؤتمر العلمی السنوی الأول للمعهد الدولی العالی للإعلام تحت عنوان "الإعلام ومواجهة الإرهاب.. الضوابط المهنیة وأخلاقیات الممارسة"، القاهرة: 1-2 /3/2016.
([7]) وسائل الإعلام فى مواجهة الإرهاب، دلیل الصحفیین، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربیة والعلم والثقافة (الیونسکو)، بتاریخ19/11/2018، ص14.
([8]) ماری برنزون ومایکل ستول، الإطار الإعلامی لحوادث الإرهاب بالمملکة المتحدة والولایات المتحدة الأمریکیة، ص 356، فی: دیفید کانتر (تحریر)، جیهان الحکیم (ترجمة وتقدیم)، مجموعة باحثین، الوجوه المتعددة للإرهاب: وجهات نظر وقضایا مختلفة، (القاهرة: المرکز القومی للترجمة، 2014م).
([9])عادل رفعت، قضایا الإرهاب والتطرف فی الخطاب الصحفی المصری، دراسة تحلیلیة لعینة من مقالات الرأی المنشورة بجریدة الأهرام المصریة خلال عام 2015، بحث مقدم للمؤتمر المؤتمر العلمی السنوی الأول للمعهد الدولی العالی للإعلام تحت عنوان "الإعلام ومواجهة الإرهاب..الضوابط المهنیة وأخلاقیات الممارسة"، (القاهرة: فی الفترة من 1-2 /3/ 2016).
([10]) نبیل عبد الفتاح، الرؤى الملتبسة: الإعلام والإرهاب، موقع المرکز العربی للبحوث والدراسات علی الإنترنت، بتاریخ 5/4/2014، متاح على الرابط: http://www.acrseg.org/3703
([11]) إسماعیل محمود عبد الرحمن، الإعلام والإرهاب والثقافة البدیلة، (الإسکندریة: مکتبة الوفاء القانونیة، 2014م)، ص 37.
([12])محمد قیراط، الإرهاب والإعلام بین الوطنیة وحق المعرفة والابتزاز، ضمن أعمال مؤتمر الإعلام والأزمات: الرهانات والتحدیات, (کلیة الاتصال- جامعة الشارقة، الإمارات،2012 )، ص61.
([13]) خلف علی المفتاح، الإعلام والإرهاب والمجتمع، موقع جریدة الثورة، بتاریخ 17/8/2015، متاح على الرابط: http://thawra.sy/_Kuttab_a.asp?FileName=9672556520150817014245
([14]) Moran Yarchi, Gadi Wolfsfeld, Tamir Sheafer and Shaul R. Shenhar, "Promoting Stories about Terrorism to the International News Media: A Study to public diplomacy", Media, war and conflict, Vol.6, No.3, 2013, pp265.266.
([16]) هایل ودعان الدعجة، الإعـلام والإرهاب، بحث مقدم لمؤتمر جامعة الحسین بن طلال الدولی حول الارهاب فی العصر الرقمی،(الأردن، فى الفترة من 10-12/7/2008).
([18]) جودت هوشیار، العلاقة الملتبسة بین الإعلام والإرهاب، موقع میدل ایست أونلاین، بتاریخ 13/11/2014، متاح على الرابط : http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=441176&r=0
([19]) نصیرة تامی، نصیرة تامی، المعالجة الإعلامیة لظاهرة الإرهاب من خلال البرامج الحواریة فی الفضائیات الإخباریة العربیة المتخصصة، دراسة تحلیلیة مقارنة بین قناة "الجزیرة" القطریة وقناة "العربیة" السعودیة، رسالة دکتوراه، غیر منشورة، کلیة العلوم السیاسیة والإعلام، جامعة الجزائر.
([21]) هویدا مصطفى، اتجاهات الصفوة نحو تغطیة الإعلام المصری لأحداث 11 سبتمبر وتداعیاتها دراسة استطلاعیة على عینیة من الصفوة المصریة، (القاهرة: کلیة الإعلام- المجلد المصریة لبحوث الرأی العام، المجلد 4،3، العدد 2002)، ص ص 53-108.
([22]) خلف علی المفتاح، الإعلام والإرهاب والمجتمع، موقع جریدة الثورة، بتاریخ 17/8/2015، متاح على الرابط التالی: http://thawra.sy/_Kuttab_a.asp?FileName=9672556520150817014245
([23]) إسماعیل عبد الفتاح، فلسفة الإرهاب والعنف من منظور دولی، (القاهرة: المکتب العربی للمعارف)،2017، ص111
([24])هنیده قندیل أبوبکر، استراتیجیات الصحافة فی التصدی لظاهرة الإرهاب بالمنطقة العربیة، تغطیة أحداث الإرهاب بالصحافة السودانیة (صحیفتا السودانی والرأی العام نموذجًا)، بحث مقدم للمؤتمر المؤتمر العلمی السنوی الأول للمعهد الدولی العالی للإعلام تحت عنوان "الإعلام ومواجهة الإرهاب..الضوابط المهنیة وأخلاقیات الممارسة"، القاهرة: 1-2 /3/ 2016.
([27]) نزارسلامة العطیفى، الإعلام الجدید - نافذة لقوى الارهاب والتطرف، بحث مقدم ضمن أعمال المؤتمر الدولى تحت عنوان "دور الإعلام فى التصدى للإرهاب"، مرکز دراسات المستقبل بجامعة أسیوط بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامیة، فى الفترة من 3 : 6/3/ 2016.
([28]) نسرین ریاض عبد الله، قضایا الإرهاب والتطرف فی الخطاب الصحفی المصری والخطاب الصحفی السعودی.. دراسة تحلیلیة مقارنة فی الفترة من 2000-2004، رسالة ماجستیر، غیر منشورة، کلیة الإعلام، جامعة القاهرة، 2007، ص 61.
([30]) ماری برنزون ومایکل ستول، الإطار الإعلامی لحوادث الإرهاب بالمملکة المتحدة والولایات المتحدة الأمریکیة، ص 379، فی: دیفید کانتر (تحریر)، جیهان الحکیم (ترجمة وتقدیم)، مجموعة باحثین، الوجوه المتعددة للإرهاب: وجهات نظر وقضایا مختلفة، مرجع سابق.
([33]) P. Eric Louw, The War against terrorism: A public Relations Challenge for the Pentagon, The International Journal for Communication Studies, London, Vol. 65), p: 212.
([35]) غادة نصار، الإرهاب والجریمة الإلکترونیة، ط1(القاهرة: العربی للنشر والتوزیع)،2017، ص ص115-116.
([36]) الإعلام والإرهاب.. استراتیجیة المواجهة، شبکة الأخبار العربیة (anntv) بتصرف،بتاریخ14/4/2014،متاح على الرابط: http://anntv.tv/new/showsubject.aspx?id=86425
([39]) آیات حسین الحداد، التهدیدات الناتجة عن الأعمال الإرهابیة فى المنطقة العربیة وکیفیة التصدی لها داخلیًا ودولیًا، بحث مقدم ضمن أعمال المؤتمر الدولی الثالث لمکافحة التطرف تحت عنوان "العالم ینتفض: متحدون فی مواجهة الإرهاب"، (مکتبة الإسکندریة، فى الفترة من 17-19 ینایر2017).
([40]) مسلم عباس، وسائل الإعلام وصناعة الإرهاب، مقال منشور علی بوابة النبأ المعلوماتیة، بتاریخ 27/ 9/ 2017م، متاح علی الرابط: https://annabaa.org/arabic/violenceandterror/12628
([41]) عبدالصبور محمد فاضل، إشکالیة العلاقة بین صناعة الإرهاب ومواجهته فی الخطاب الإعلامى، بحث مقدم ضمن أعمال المؤتمر السابع والعشرین، تحت عنوان "دور القادة وصانعی القرار فی نشر ثقافة السلام ومواجهة الإرهاب والتحدیات"،المجلس الأعلى للشؤن الإسلامیة، وزارة الأوقاف، (القاهرة: فی الفترة من 11-12 /3/ 2017م).
([42]) محمد قیراط، فی إعادة النظر فی العلاقة بین الإعلام والإرهاب، جریدة الشرق، بتاریخ 21/4/2017، متاح على الرابط: https://bit.ly/2sFupbv
([43]) ثریا البدوی، الإعلام ومواجهة الجرائم الإرهابیة، جریدة الأهرام، بتاریخ 16/4/ 2017، متاح على الرابط: http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/588689.aspx
([44]) جمال رجب سیدبی، الإرهاب وعلاقته بالتطرف الدینی، نظرة تحلیلیة،، ضمن أبحاث المؤتمر العام الثامن والعشرین، تحت عنوان "صناعة الإرهاب ومخاطره وحتمیة المواجهة وآلیاتها"،المجلس الأعلی للشئون الإسلامیة، وزارة الأوقاف، (القاهرة، فى الفترة من27:26 /2/2018).
([45]) هالة نوفل، أسماء الجیوشی، أثر اعتماد المشاهدین على القنوات الفضائیة فی تشکیل سلوکهم نحو مواجهة ظاهرة الإرهاب، دراسة میدانیة، بحث مقدم ضمن أعمال المؤتمر العلمی السنوی الأول لأکادیمیة الشروق تحت عنوان "الإعلام العربی ومواجهة الإرهاب..الضوابط المهنیة وأخلاقیات الممارسة"،(القاهرة، فى الفترة من1-2/3/2016).
([49])هویدا مصطفی، الإعلام والإرهاب..ضوابط مهنیة وإرشادات عملیة، ط1(القاهرة: دارالعربی للنشر والتوزیع،2018)، ص186.
([50]) دیفید کانتر،الإرهاب: طبیعة متعددة الوجوه، ص 38، فی: دیفید کانتر (تحریر)، جیهان الحکیم (ترجمة وتقدیم)، مجموعة باحثین، الوجوه المتعددة للإرهاب: وجهات نظر وقضایا مختلفة، القاهرة: المرکز القومی للترجمة، 2014م.
([51]) دیباک ک. جوبتا وجون هورجان وألیکس ب. شمیدت، الإرهاب والجریمة المنظمة: بعدًا نظریًا، ص 201، فی: دیفید کانتر (تحریر)، جیهان الحکیم (ترجمة وتقدیم)، مجموعة باحثین، الوجوه المتعددة للإرهاب: وجهات نظر وقضایا مختلفة، (القاهرة: المرکز القومی للترجمة، 2014م).
([54]) هی حملة عسکریة مصریة شاملة للقضاء على الجماعات التکفیریة فی شمال سیناء بالکامل، بدأت فی 9 فبرایر 2018 فی شمال ووسط سیناء، ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهیر الصحراوى غرب وادى النیل بهدف إحکام السیطرة على المنافذ الخارجیة.