التفاعل الاجتماعي في الفضاء السيبراني وانعکاسه على القيم والعلاقات الأسرية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ محاضر في الإعلام الاتصال -جامعة محمد بوضياف المسيلة الجزائر

المستخلص

ملخص:
تهدف الدراسة إلى کشف وتحليل التغيرات التي طرأت على القيم والعلاقات الأسرية داخل الأسرة الجزائرية من خلال دراسة مسحية لعينة من الأسر بمدينة المسيلة والمقدرة بـ50 أسرة في ظل القيم الحديثة المصاحبة للتحديث والعولمة داخل مجتمعات افتراضية، حيث أنتجت هذه الوسائل الجديدة فضاء رمزي جديد هو الفضاء السيبراني الذي يعد إطار جديد للعلاقات الاجتماعية عابرة، ففي الوقت الذي باتت فيه تکنولوجيا الاتصال في متناول الجميع إلا أنها حملت معها من المشاکل الأسرية ما لم نعرفه من قبل حيث طوقت أفراد الأسرة بجدار العزلة فخلقت بذلک علاقات جديدة وقيم جديدة.
 
 
Summary:
The study aims at the identification and analysis of changes enditurees in family values and relations ,within the Algerian Family, throught a survey of a simple of households in the ight of modern values associated with modernalisation and globalization within the virtual communities where produced this new tools a new symbolic space cyberspace, Which is a new Framework of passing social relation, At a time when communications technology accessible to every one , it carried with it from family problems what we didn’t know before, where family members surrounded by a wall of isolation creates a new relations and new values.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

مقدمة

 

لقد عرفت المجتمعات البشریة عدة تطورات وتحولات اجتماعیه کان أبرزها التطور الحاصل فی المجتمعات المعاصرة بفعل التکنولوجیات الاتصال الحدیثة والتی غیرت تقریبا کل نواحی الحیاة على اختلافها، وأجبرته على التعامل معه کواقع لابد منه وبذلک وضعت المجتمع أمام مرحلة جدیدة من مراحل التطور الاتصال الإنسانی.

وتأتی الانترنت أو الشبکة العنکبوتیة کأحد هذه الوسائل الحدیثة دون منافس لها...، حیث ساهمت هذه الأخیرة فی تشکیل فضاء جدید وهو الفضاء الافتراضی من خلال ظهور عدة مواقع تعد إطارا جدیدا للتفاعل والاتصال اللامحدود بین الأفراد المتفاعلة داخله، مکونین بذلک مجتمعا افتراضیا بثقافة رقمیة جدیدة وبهویات جدیدة وبروز قیم جدیدة وعلاقات جدیدة... إلخ.

حیث عملت هذه الأخیرة دورًا فی التقریب بین الأشخاص المتباعدین جغرافیا وجعلت العالم یبدو وکأنه قریة صغیرة من حیث سهولة التواصل وتبادل المعلومات والخبرات، وإن کانت هذه القریة الصغیرة من حیث الاتصال لا تزال عالمًا متنافرًا أفکارًا وقیمًا، ولکن الأمر یستدعی الانتباه فی ثورة الاتصالات هذه أنها قربت المتباعدین وأبعدت ألمتقاربین فالمرء یتواصل بالروابط الأسریة الحمیمیة مع أفراد العائلة وکذلک یترابط بکل انسیابیة مع أفراد من أقاصی الأرض ومن مجتمعات مختلفة، وهم من أصبح الیوم یخصص لهم أوقات کبیره ولکن الوضع یستثقل أو یصعب عندما یذهب للزیارات الأسریة أو أن یستقبل أفراد آخرین أو أن یمنح أبناءه ساعة من نهار یتعارفون خلالها على أبناء العم أو الخال، أو أن یفارق مقعده لیتنزه مع بعض من أصدقائه المقربین أو أصدقاء الطفولة.

أما الیوم فقد انتقل جزء کبیر من هذا الدور إلى المجتمع الافتراضی وهی (الإنترنت، والهاتف وخاصة النقال وکذلک الألعاب الإلکترونیة) الأمر الذی فتح الباب أمام هذه الأنماط من المجتمع الافتراضی کی تحل محل الحوار وکذا محل العلاقات مجتمع الافتراضیة الاجتماعیة بین أفراد الأسرة الواحدة.

إن هذه التحولات التکنولوجیة الناتجة عن المجتمع الافتراضی أفرزت تفاعلات وأشکال جدیدة للعلاقات الأسریة على صعید الأسرة بدورها أدت إلى تعزیز العزلة والتنافر بین أفرداها، ومن هذا المنطلق وخلال هذه الدراسة نحاول الإجابة على التساؤل التالی: کیف أثر التفاعل فی المجتمعات الافتراضیة على منظومة القیم والعلاقات داخل الأسرة الجزائریة؟

 

 وتندرج تحت هذا السؤال الرئیسی التساؤلات الفرعیة الآتیة:

- ما واقع المجتمع الافتراضی فی ظل الفضاء الرمزی؟

- ما مدى تأثیر التفاعلات الافتراضیة فی الفضاء الرمزی على العلاقات الواقعیة داخل الأسرة؟

- هل ستؤدی التفاعلات الافتراضیة إلى غربة فی التفاعلات الواقعیة لدى الأسر المستخدمة، فهل ستؤدی إلى ارتباط أکثر أم ستؤدی إلى تمزیق لمنظومة القیم؟

 

أولًا. أهمیة الدراسة وأهدافها:

إن دراسة الجماعات الاجتماعیة تشکل بوتقة اهتمام العدید من الدراسات فی المجالات الأکادیمیة المختلفة، ولقد عکف الباحثون فی مختلف التخصصات على دراسة الجماعات الاجتماعیة مشکلاتها وبنائها ونظمها والقیم المتشکلة داخل الجماعات والتأثیرات المختلفة بین الجماعات بعضها البعض، إلا أن المستحدثات التکنولوجیة وخاصة الانترنت ساهم فی تشکل مجتمع جدید هو المجتمع الافتراضی الذی یمتد تأثیره من داخله إلى التفاعلات الواقعیة، وعلى منظومة العلاقات والقیم الأسریة الاجتماعیة وانعکاساته على العلاقات الاجتماعیة والتضامن الأسری والاندماج الاجتماعی وتشیر الدلائل إلى أن هذا المجتمع الجدید یناله التحدی فی دراسة تفاعلاته وفی إخضاعه للدراسة العلمیة والبحث وفی دراسة تأثیره على التفاعلات الأسریة موضوع الدراسة الراهنة.

ثانیا: مفاهیم الدراسة:

1-القیم:

یعرف بارسونز القیم فی کتابه النسق الاجتماعی:" القیمة هی عنصر فی نسق رمزی مشترک یعتبر معیارا، أو مستوى للاختیار من بدائل التوجیه التی توجد فی موقف معین". (Social System, Talcott Parsons, p224.)

ویعرفها کلید کلاکوهن القیم" بأنها تصور، واضح أو مضمر، یمیز الفرد أو الجماعة ویحدد ما هو مرغوب فیه، بحیث یسمح لنا بالاختیار بین الـأسالیب المتغیرة للسلوک والوسائل والأهداف الخاصة بالفعل". (المرجع فی مصطلحات العلوم الاجتماعیة، باسم المصری أخرون، ص506.)

التعریف الإجرائی: مجموعة المبادئ والأخلاق التی ینبنی علیها المجتمع فتکون سلوکه وتعامله، ومن خلالها یحکم على الممارسات الفردیة والجماعیة.

2-الأسرة:

تعرف الأسرة الإنسانیة بشکل عام ومبسط على أنها جماعة اجتماعیة بیولوجیة نظامیة تتکون من رجل وامرأة (تقوم بینهما رابطة زواجیة مقررة) وأبنائهما.

 

أما المعجم الکبیر لعلم الاجتماع فقد عرفها بوصفها" مجموعة أفراد ذو صلات معینة من قرابة أو نسب ینحدر بعضهم من بعض أو یعیشون معا، وکانت الأسرة فی الجماعات الأولى واســــعة کل الســـعة بحیث تساوی العشیرة ثم أخذت تضیق شیئا فشیئا وحتى أصبحت لا تشمل إلا الزوج والزوجة وأولادهما (Dictionnaire alphabétique et analogique de la langue française. Petit Robert.p123)

فی حین یعرف مصطفى بوتفنوشت الأسرة التقلیدیة بأنها "وحدة اجتماعیة، حیث الأبناء والأحفاد لا یترکون الأسرة الأم حیث یشکلون أسرا زواجیة صغیرة تابعة للعائلة ویعیشون تحت سقف واحد. (العائلة الجزائریة التطور والخصائص الحدیثة، مصطفى بوتفنوشت، ص30).

- المفهوم الإجرائی: الأسرة فی هذه الدراسة تتمثل فی کونها وحدة اجتماعیة أساسیة قائمة وفق القوانین والأعراف الجزائریة، تتکون من مجموعة من الأفراد الذین تربطهم علاقات من الزواج والدم ویوجدون فی إطار التفاعل المباشر عبر سلسلة من المراکز والأدوار تقوم بتأدیة عدد من الوظائف التربویة والاجتماعیة والثقافیة والاقتصادیة، ونتیجة لذلک فهی تتمیز بالخصائص الآتیة:

- هی أول مجال اجتماعی أولی ینتمی إلیه الفرد.

- تتکون من مجموعة أشخاص تربطهم علاقات الدم والقرابة.

- یحدد الأسرة من حیث البناء والوظائف مجموعة قواعد تنظیمیة (دینیة وقانونیة) تحدد دور کل فرد فی الأسرة.

- تمثل المصدر الأول والوسیط لتوفیر احتیاجات الفرد الأساسیة خاصة فی بدایة حیاته.

 3-القیم الأسریة:

قیم الأسرة هی جزء من قیم المجتمع الذی تعیش فی کنفه مع الأخذ بعین الاعتبار التباینات التی تحملها الأسر وانعکاساتها على قیمه، کما تعرف بأنها مجموعة القیم التی تعکس علاقة الفرد بأسرته: نظرت واتجاهاته نحو القضایا الأسریة، القضایا الأسریة، العمل التعلیم... (القیم السلوکیة، عطا حسین عقل محمود، ص12)

التعریف الإجرائی: هی تلک الأمور التی تستحسنها الأسرة وتسعى إلى الحفاظ علیها من خلال العلاقات بین أفرادها مثل: الالتحام العائلی، زیارة الأهل.... وجمیع الاهتمامات والتفضیلات التی یکونها الأفراد تجاه الموضوعات المرتبطة بقضایا الأسرة.

4-العلاقات الأسریة:

عرفت بأنها العلاقات التی تجمع بین مجموعة من الأفراد الذین تربطهم رابطة أو القرابة وهی تبدأ بالزوج والزوجة وتمتد لتشمل کل أفراد الأسرة من الأولاد الأهل والأقارب، وتعرف العلاقات الأسریة کذلک بأنها العلاقات الوثیقة التی تنشأ بین الأفراد الذین یعیشون مع لمدة طویلة، وتقوم على الحقوق والواجبات والالتزامات مما یؤدی الى الشعور بالتماسک والصلابة. (المجتمع الافتراضی والعلاقات الأسریة دراسة استطلاعیة على مستخدمی الانترنت بمنطقة سیدی عمران، طیبی أحمد، عزابی سمیة، ص 594.)

5-المجتمعات الافتراضیة:

عرفها بسیونی إبراهیم حمادة2001 على أنها "تجمعات اجتماعیة تظهر عبر شبکة الإنترنت تشکلت فی ضوء ثورة الاتصالات الحدیثة تجمع بین ذوی الاهتمامات المشترکة یتواصلون فیما بینهم ویشعرون کأنهم فی مجمع حقیقی"

وأشار أحمد زاید2003:" بأنها تجمعات اجتماعیة تظهر عبر شبکة الانترنت عندما یدخل عدد کاف من الناس فی مناقشات عبر فترة کافیة من الزمن یجمع بینهم شعور إنسانی کافی بحیث یشکلون مواقع للعلاقات الشخصیة عبر الفضاء الإلکترونی"(عولمة الحداثة وتفکیک الثقافات الوطنیة، أحمد زاید،ص16)، أما محمد محیی الدین 2004 فیرى أن مصطلح المجتمعات المتخلیة من المصطلحات الشائعة والذی یشیر إلى تلک الأنماط المفصلة من العلاقات والأدوار والمعاییر والنظم واللغات التی تطور بوساطة الأفراد خلال عملیات الاتصال المباشر على الخط، کما أشار إلى أن مصطلح المجتمعات المتخیلة لا یزال مصطلحاً علمیاً شکلیاً. (لمشکلات النظریة والمنهجیة للبحث السیسیو إثنوغرافی فی المجتمعات المتخلیة، محمد محیی الدین، محمد محیی الدین، ص810).

6-التفاعل الاجتماعی:

یعتبر التفاعل الاجتماعی مفهوماً أساسیاً فی علم النفس الاجتماعی، لأنه أهم عناصر العلاقات الاجتماعیة، وبالتالی التنشئة الاجتماعیة، ویتضمن التفاعل الاجتماعی مجموعة توقعات من جانب کل المشترکین فیهِ. ویتضمن التفاعل الاجتماعی کذلک إدراک الدور الاجتماعی وسلوک الفرد فی ضوء المعاییر الاجتماعیة التی تحدد دورهِ الاجتماعی وأدوار الآخرین.إذاً فالتفاعل الاجتماعی (من وجهة نظر سواسون) هو العملیة التی یرتبط بها أعضاء الجماعة بعضهم مع بعض عقلیاً ودفاعیا وفی الحاجات والرغبات والغایات والمعارف وما شابه ذلک.

التعریف الإجرائی: المقصود بالتفاعل الاجتماعی فی الدراسة هو تلک التفاعلات التی تتم داخل الأسرة فی المجتمع الافتراضی کبدیل عن التفاعل الاجتماعی الأسری.

ثالثا. منهج وأدوات الدراسة:

هذا البحث ینتمی إلى قائمة البحوث الاستکشافیة أو الاستطلاعیة Exploratory  فالترکیز الأساسی لهذا النوع من الدراسات ینصب حول اکتشاف أفکار جدیدة متباینة تفید فی فهم المشکلة المدروسة وتمهد مستقبلیة أکثر عمقاً خاصة وأن دراسة الجماعات الافتراضیة تعانی من ندرة على مستوى البحوث النظریة والتطبیقیة.

ینطلق البحث الحالی بالاستناد إلى منهج المسح الاجتماعی، فقد طرحEarl Babbie أن هذا المنهج یستخدم لأغراض الاستکشاف والوصف وبذلک یتناسب مع الدراسات الاستکشافیة، ویتخذ هذا المنهج من الأفراد وحدات للتحلیل، ویتسع لیشمل الجماعات الاجتماعیة کوحدات للتحلیل(Earl, the basics of social research Babbie , P52)، ولقد قمنا بإجراء مسح بالعینة علی مجموعة الأفراد من أسر مختلفة الذین یدخلون فی التفاعلات الافتراضیة وذلک من خلال استخدام الانترنت سواءا فی مقاهی الانترنت أو العمل أو فی البیت التی شکلت بالنسبة للباحث مجتمع الدراسة المیدانیة على أن یکون هؤلاء المتفاعلین الذین یتم علیهم المسح من مقاهی ذات مستویات اقتصادیة اجتماعیة.

وتقتضی الدراسة الاستطلاعیة مرونة فی الأدوات التی تستخدمها علی هذا الأساس وعلیه قمنا بالاعتماد علی استمارة الاستبیان، وذلک من خلال تصمیم استمارة تراعی الهدف الرئیسی للبحث والتساؤلات الفرعیة، وقد تم تقسیمها إلى 3 محاور رئیسیة تضمن المحور الأول البیانات الشخصیة لأفراد الأسرة عینة الدراسة النوع العمر المستوى الدراسی دخل الأسرة أما المحور الثانی فتضمن رؤیة أفراد العینة للمجتمع الافتراضی أما المحور الثالث فتضمن تأثیر التفاعلات الافتراضیة على منظومة القیم والعلاقات الاجتماعیة الأسریة وقد تمثل مجتمع الدراسة فی مجموعة من الأسر من خلال توزیع الاستمارات على أحد أفراد هذه الأسر "الأبناء" وقد قدر عدد الأسر محل الدراسة بـ50 أسرة بمدینة المسیلة (أب وابن، أو أم وبنت)، أما عن عینة الدراسة فقد اعتمدنا العینة القصدیة.

 

  1. العولمة والمجتمعات الافتراضیة "تفتت الزمان وتشکل المکان":

تشکل العولمة اللحظة التاریخیة التی شهدت-ولا تزال-على میلاد الجماعات الاجتماعیة الافتراضیة، تلک اللحظة التی شهدت تغیرات کوکبیة علی إطار واسع، بات فیه العالم قریة صغیرة وتشکلت هذه اللحظة التاریخیة بناء على متغیرات متعددة أسماها هو التقدم فی وسائل الاتصال التی أدنت العالم أدناه بأقصاه، ویشهد ذلک على تقلص جغرافیا المکان وصورة الزمان، ومن منطلق حرکات التشکیل الجدیدة لأنساق عالمیة أو بالأحرى إلى نسق عالمی جدید، ترتب على هذا النسق الجدید فاعلین جدد، هؤلاء الفاعلین الجدد لا ینضمون إلى قومیة واحدة، ولا مجتمع واحد، بل تشکل هؤلاء الفاعلین الجدد من مجتمعات وقویات مختلفة، یتواصلون ویتقاربون بوسائط تکنولوجیة أبرزها الشبکة الدولیة للمعلومات الذی قدم تسهیلات لهؤلاء الفاعلین الجدد من الانخراط فی مجتمعات کوکبیة تخرج من إطار المحلیة وتخرج من تحت سیطرة الدولة القومیة. بل تضیق بهؤلاء والدولة القومیة لیخرجوا إلى فضاء جدید هو الفضاء الرمزی، وعلاقات جدیدة تتجاوز العلاقات القومیة إلى علاقات أخرى.

لقد برزت التجمعات الافتراضیة مع بزوغ مجموعة من الظواهر الحیاتیة، والتطورات والممارسات التکنولوجیة والعلمیة والمستجدات الفکریة، والتی تدفع فی اتجاه زیادة ترابط العالم وتقاربه وانکماشه الأمر الذی یعنی إلغاء الحدود والفواصل بین الأفراد والمجتمعات والثقافات والدول(society in the postmodern era-the Washington Quartey, borgmann, Albert , p200.)، فالإنسان المعاصر والنخب المعاصرة قد تحررت وتحرکت نحو فضاءات جدیدة، تقلصت مع هذه الانطلاقة للإنسان المعاصر عنصر المسافة، وتقلصت مع البزوغ نحو الکونیة علاقات الوجه بالوجه، فهناک تقاطعات اجتماعیة عدیدة ظهرت خلال تغیر وانکماش المسافة والتقاربات بین ما هو محلی وما هو عالمی. (من الحداثة إلى العولمة: رؤى ووجهات نظر فی قضیة التطور والتغییر الاجتماعی، تیمونز روبیرت، إیمی هایت: ترجمة سمر الشبکشی، ص19)

فتضیق الهوة المکانیة هی السمة الأساسیة للمجتمعات الافتراضیة، وهی السمة الأکثر وضوحاً فی الواقع الافتراضی ذلک الواقع الذی یختزل المکان والزمان، یستطیع الفرد من خلال هذا الواقع الافتراضی أن یختزل الزمن إلى الوراء، ویبحث من خلال نظارات الواقع الافتراضی فی إدراج الماضی المغلقة، کما یستطیع الإنسان من خلال هذا الواقع أن یتجه نحو المستقبل ویجوب فی عالم المستقبل، فالواقع الافتراضی واقع محرر من الزمان وغیر مرتبط بمکان.

ویتأتى تقلص الزمان وتغیر علاقات المکان من خلال الضغط المتواصل التی تتعرض له المجتمعات والحیاة الواقعیة فهذا الظرف قد اقترن بتغیرات فی بنیة النسق العالمی الراهن ذلک النسق الذی یشهد تغیرات وتحولات فی أنموذجاته فقد تحول النموذج المجتمع الصناعی إلى نموذج فکری جدید هو نموذج مجتمع المعلومات العالمی Global information societyینهض هذا المجتمع الجدید علی أساس ما أحدثته ثورة الاتصالات الکبرى التی منها الإنترنت. (Globalization and culture marthan your money s'worth، university jerry Cassava، P704.)

   تعد الشبکة الدولیة للمعلومات وسیلة اتصالیة أحدثت انقلاب فی مفهوم التواصل الإنسانی سواء من حیث تنوع وسائله أو اتساع نطاقه وسرعة إیقاعه، فمن خلال الإنترنت یمکن للفرد التواجد عن بعد أو ما یعرف بنقل الحضورTransmission of presenceوذلک بفضل نظم التحکم الآلی والربوت، وتجری حالیاً إضافة تکنولوجیا ما یعرف باسم الرؤوس الناطقة Talking head التی تنوب عمن غابوا عن الحضور فعلیا من خلال قیامها بدور البدیل أو الدوبلیر الرقمی، وهی الوسائل التی قامت علیها تکنولوجیا "عقد المؤتمرات عن بعد" وأتاحت للمرء أن یشارک الآخرین لقاءاتهم عن بعد، وعقد العملیات الجراحیة عن بعد، وتتبادل أکثر العلاقات الإنسانیة حمیمة عن بعد أو ما یطلق علیهVirtual sex ولن یقتصر نقل الحضور على دنیا الواقع الحقیقی بل أمتد أیضاً إلى عوالم الواقع الافتراضیVirtual Reality، حیث یمکن أن ینتقل الأفراد وهم قائمون فی أماکنهم، للتجوال فی مراکز التسوق والتسکع فی المدن الافتراضیةVirtual Citiesومعایشة ما یجری فیها من أحداث من خلال نقل الواقع عن طریق کامیرات الفیدیو ویب التی تنقل أحداث هذا الواقع لحظة بلحظة.( من الحداثة إلى العولمة: رؤى ووجهات نظر فی قضیة التطور والتغییر الاجتماعی، تیمونز روبیرت، إیمی هایت: ترجمة سمر الشبکشی، ص171)

یتضح من خلال الطروحات السابقة أن هناک ملامح جدیدة للمعلوماتیة التی انتشرت مع عصر العولمة، فقد أسست بنیة تحتیة معلوماتیة تقوم على أساس الحواسیب الآلیة التی بدورها أدت إلى تضیق فکرتی الزمان والمکان فالفرد یستطیع أن یدخل فی تفاعلاته الافتراضیة فی الوقت الذی یشاء مع الأفراد الذی یرغب أن یتواصل معهم فی أی مکان فی أنحاء المعمورة، کل ذلک عبر جهاز کمبیوتر یتصل بشبکة معلومات ربما تؤثر التواصلات العالمیة على واقع الأسرة والعلاقات الأسریة.( الفجوة الرقمیة: رؤیة عربیة لمجتمع المعرفة، نبیل علی، نادیة حجازی، ص164.)

 

  1. الأسرة والتکنولوجیا بین الماضی والحاضر:

لو قارننا بین الأسر القدیمة والحدیثة للفت انتباهنا فی مجال الأثاث المنزلی فنجد أن الأسر القدیمة تعتمد فی تأثیثها على أثاث تقلیدی من اللوح والبلاط والخشب وغیره من الأثاث المزرکش والجمیل أما الأسرة الحدیثة فتعتمد فی تأثیثها على أحدث التکنولوجیا الرقمیة، إذ تتمیز الأسر القدیمة بنوع من الدفء وحنان الجدة وحکایاتها الجمیلة على غرار الأسرة الحدیثة التی تتمیز بنوع من الجفاء إذ حلت الأجهزة التکنولوجیة محل الجدة.

لم یصبح اقتناء بعض وسائل التکنولوجیا من الکمالیات أو مظهرا من مظاهر التحضر والحداثة عند البعض بل بلغ هذا التملک درجة الهوس إذ أصبح بمعدل جوال وکمبیوتر لکل فرد داخل الأسرة لصیق به لا یفارقه فی حله وترحاله مکالمات ورنات لا تنتهی رسائل قصیرة لا یتوقف عن کتابتها وأرقام وحسابات أشخاص مختلفة یقوم بترکیبها لنسج علاقات جدیدة خارج المحیط العائلی.

یمکن القول إن الأمر تعدى ذلک من خلال ظهور ظاهرة التباهی بالأجهزة التکنولوجیة والتفاخر بها، إذ یسعى کل فرد إلى اقتناء آخر ابتکارات عالم التکنولوجیا، لکن من بین النتائج المحیرة للانتشار المذهل لوسائل الإعلام المختلفة هی أنها عملت على تقریب المتباعدین وإبعاد المتقاربین عن بعضهم البعض، وأصبحت هذه التکنولوجیا لا تهدد التواصل فی الأسرة فحسب وإنما تهدد العلاقات الاجتماعیة أیضا. أما الآثار التی تظهر على الجانب النفسی لأفراد الأسرة ظاهرة الإدمان بحیث بینت الدراسات النفسیة أن الأفراد الأکثر تعرضا للإدمان على الانترنت هم هؤلاء الذین یعانون من العزلة الاجتماعیة، والفشل على إقامة علاقات اجتماعیة طبیعیة مع الآخرین والذین یعانون من مخاوف غامضة، أو قلة احترام الذات، الذین یخافون بأن یکونوا عرضة للاستهزاء أو السخریة من قبل الآخرین هؤلاء هم أکثر الناس تعرضا للإصابة بهذا المرض وذلک لأن العالم الإلکترونی قدم لهم مجالا واسعا لتفریغ مخاوفهم وقلقهم وإقامة علاقات غامضة مع الآخرین، تخلق لهم نوعا من الألفة المزیفة، فیصبح هذا العالم الجدید الملاذ الآمن لهم من خشونة وقسوة عال الحقیقة - کما یعتقدون- حتى یتحول عالمهم هذا إلى کابوس یهدد حیاتهم الاجتماعیة والشخصیة للخطر.

لقد حلت الوسائل التکنولوجیة الیوم مکان الأبوین والتی یتلقون تربیة منها أکثر من مکوثهم أمام هذه الأجهزة والتفاعل معها، لکن التعامل مع هذه الأجهزة یضعف علاقة الأبناء بوالدیهم وتنتشر أمراض نفسیة بینهم مثل: الاکتئاب، وحب العزلة، وثقل قابلیة قبول قیم المجتمع، وثوابت الدین، ویحل محلها قیم ورواد مستخدمی التکنولوجیا. (وسائل التکنولوجیا الحدیثة وتأثیرها على الاتصال بین الأبناء والآباء الانترنت والهاتف النقال نموذجا، طاووس وازی، عادل یوسف، ص32.)

 

  1. عولمة القیم الأسریة بین التفکک وإعادة التشکل:

یمکن القول عند توصیف المرحلة الراهنة بأنها مرحلة تفکک العلاقة بین الثقافة والمجتمع، والمقصود بتفکک العلاقة بین ما هو ثقافی وما هو اجتماعی هو انحلال الوسائط التقلیدیة بینهم، تلک الوسائط التی کانت تشد أحدهما على الآخر عبر الفعل الاجتماعی(إطلالات علی الزمن الآتی، السید نصر الدین السید ص14.)،فالمرحلة الراهنة تشهد حالة تشظی الاجتماعی والثقافی والتفکک، والتفتت، واللاهدف واللامعنى (ثقافة بلا مثقفین من الملحمی إلى التراجیدی، الطاهر لبیب، ص15)، إن ظاهرة التفتت عامة لها تفسیرها السیسولوجی، ولکن من المؤکد أن وحدات التحلیل التقلیدیة کالأسرة أو القبیلة أو الدولة أو الطبقة أو المهنة لم تعد بالضرورة وسیطا نشیطا فی توضیح العلاقة بین ما هو ثقافی وما هو اجتماعی.

ومن خلال الجدل الدائر فی خضم العولمة هناک إعادة تشکل للقیم لدى المنخرطین فی التفاعلات الافتراضیة، إذ انه یمکن القول أن هناک تحولات فی منظومة قیم بعض الأفراد المنخرطین فی التفاعلات الافتراضیة.

إن اتجاه ما بعد الحداثة بمقولاته ینطبق على المجتمعات الافتراضیة وفضائها الجدید اللانهائی الأطراف إذا أن هذه الحقبة النظریة لها سماتها التی قد نجد لها سبیل إلى تفسیر واقع العلاقات الاجتماعیة الافتراضیة، فهی تتسم بالانقطاع واللامرکزیة والإخفاء. والتفکک والتمرد والالتباس.

 

 

- الانقطاع: إن المتأمل لحقیقة التجمعات الافتراضیة علی تشکلاتها المختلفة-یدرک أن هذه العلاقات والانخراط المستمر فیها یؤدی إلى قطیعة على المستوى الاجتماعی، فهذه العلاقات الافتراضیة تؤدی إلى انقطاع العلاقة مع الأصدقاء، جار السکن بل مع الأسرة أحیانا بما قد یؤثر علی بعض القیم الأسریة. وتستهلک وقت الفرد فی علاقات تخرج به عن إطار العلاقات الفیزیقیة لتسبح بالفرد فی فضاء جدید هو الفضاء الرمزی.

-تعدد المراکز وتبادلها: تتسم التفاعلات الاجتماعیة على المستوى الافتراضی بتعددیة المراکز وتبادلها، فهذه العلاقات لا مرکز لها، کلها علاقات تخرج من السیطرة، فمن داخل المنتدیات أو غرف المحادثات لا یوجد سلطة مرکزیة توجه الحدیث، فکل فرد یستطیع أن یکون مرکز الجماعة فی أحیان کثیرة، وکل فرد یستطیع أن یقود الحوار مرة أو مرات فهذه التفاعلات تفاعلات لا یحتکرها شخص یهیمن أو من یقوم بفرض سیطرة على الحوار ولکن الجماعات الافتراضیة کلها تفاعلات لا مرکزیة، فتبادل الأدوار وارد فی هذه التجمعات إذ تسمح هذه التفاعلات بتعدد المراکز فی الوقت ذاته.

-الإخفاء: إن العلاقات الاجتماعیة الافتراضیة فی معظمها تجمعات خفیه مجهولة الهویة-إلا فی القلیل منها – فالفرد الذی ینخرط هذه التفاعلات له الحق أن یخفی نفسه تحت مسمیات مختلفة، أو ینفضل من هویته، وأحیاناً یدخل التفاعلات باسم مشهور من المشاهیر، وأحیانا یدخل الذکور بأسماء الإناث والعکس، وأحیانا ویدخل بأسماء فکاهیة... إلخ، فهویة الفرد أو شخصیة تختفی فی ظل هذه التفاعلات بل وتتباین فی قوالب عدیدة.

-التفکک: إن الانترنت تلعب دوراً فی التأثیر على الأشخاص، وذلک لأنها أتاحت فرصة تکوین علاقات اجتماعیة سهلة عبر فضائه (communication, Technology and culture change, Gary Krug, p20)، ساهمت هذه العلاقات وهذه السهولة فی تکوینها إلى تفکک ما هو تقلیدی من العلاقات الاجتماعیة وتشکل ما هو افتراضی على المستوى العالمی إن موجات الهدم والتفکک التی لحقت بالبنی التقلیدیة للمجتمعات لحقت أیضا من خلال الملاحظات علی الأسرة خاصة فی ظل بزوغ العولمة الاتصالیة، کل ذلک یلعب دورا فی إعادة تشکل قیم الأسرة علی الصعید الواقعی.        

-التمــرد: لقد فتح الفضاء الرمزی مجالًا جدیدًا للتمرد والحرکات الثوریة والتحرریة، إذا أن من ضمن تشکیلة التفاعلات الافتراضیة تفاعلات تمردیة، فالفرد یستطیع أن یقول ما یرید خارج الضوابط التقلیدیة للمجتمعات، وخاصة فی المجتمعات السلطویة، فلقد فسح الإنترنت لمجال جدید للتفاعلات تقوم علی الحریة وتخرج عن سیطرة الدولة، فالمجال مفتوح فی الفضاء الرمزی للاتفاق على الثورات أو التظاهرات من دون قیود المکان، ویدرک المتأمل لحرکات التمرد علی المستویات القومیة أو العالمیة أن الانترنت وتجمعاته الافتراضیة یشکل آلیة رئیسیة تساهم فی تقارب المسافات والاهتمامات والاتفاق على مناهضة بعض القضایا أو المطالبة ببعض الحقوق. فهناک تحولات قیمة تبرز محاولات للخروج عن القیم التقلیدیة فهناک إذا کان من الممکن قوله نوع من الثورة القیمیة على ما هو تقلیدی فی المجتمع الافتراضی.

یتضح من خلال الطرح أن هناک تفککًا فی الأبنیة التقلیدیة والنسق القدیم، وقد أصبح ارتباط الأفراد بالنسق القدیم أضعف، وخاصة أن المواطن العربی الآن فی أزمة راهنة وذلک نتیجة هدر الإمکانیات وغیاب المؤسسات التی تعد الضابط وراء مواجهة بعض قضایا الإنسان العربی ناهیک عن مشکلات الشباب الحیاتیة والتی تکمن فی مشکلات حیاته متعددة منها البطالة، وما یترتب علیها من مشکلات ترتبط بالواقع المادی للشباب، ومشکلات الزواج، ومشکلات التعلیم وغیرها، کل ذلک لعب دوراً بارزاً فی حدوث وهن، وهذا الوهن بدوره أدى إلى حدوث خلل بنیوی داخل أنساق العلاقات الاجتماعیة والقیم الاجتماعیة والأسریة، وتفکک النسق القـدیم دفع هذا التفکیک فی النسق القدیم إلى حـدوث توترات أدت هـذه التوترات إلى البحث عن میکانیزمات لخفـض حدة هذه التوترات دفع ذلک الأفراد إلى البحث عن نسق جدید یتحصـن فیه الأفـراد بما فیه من قیم جدیدة، وهذا النسق الجدید هو الفضاء الرمزی الذی تشـکلت فیه علاقات بین أفراد لا یعرف بعضهم البعض فیه مجالاً خصباً للتفاعل دون قیود الزمان أو المکان وتحرر من القیم التقـلیدیة أدى ذلک إلى مزید من ولوج الأفراد إلى التجمعات الافتراضیة.

 

  1. الفردیة "العزلة" وواقع العلاقات الاجتماعیة الافتراضیة:

إن التعامل مع التکنولوجیا الحدیثة والتی من أبرز معالمها الشبکة الدولیة للمعلومات، قد خلق عالم جدید من التفاعلات التی تسود فیها قیمة الفردیة، وذلک ما حدا بمجموعة من التساؤلات فی هذا العنصر أبرزها أیهما یتبع الأخر النظام الاجتماعی الذی یتکون من أفراد أم النظام المعلوماتی الآلی الذی یتکون من أشیاء؟ أم أنه یصعب الفعل بین حدودهما؟ وإذا کان کلاً منها یحاکی الأخر، یبرز تساؤل أیضا مؤداه ما هی العلاقة بین الفردیة والاجتماعیة فی المحیط الإنسانی الکثیر التمزق، هل یمکن للفردیة الحاضرة الغائبة أن تحل محل الفردیة الحاضرة الغائبة التی تمثل فی الواقع الافتراضی؟

لقد تعددت التفسیرات حول الحقبة الاجتماعیة التاریخیة التی یعیشها العالم الآن، تلک الحقبة التی تشهد تغیرات واسعة النطاق وتمزقات فی الأبنیة الاجتماعی وحلول الفردیة، لدرجة أن البعض وصف هذه المرحلة الاجتماعیة من مراحل التطور المعلوماتی بمجتمع الخدمة الذاتیة، الذی یرى الباحث أن هذا اللفظ یمکن أن یمثل واقع التفاعلات الاجتماعیة التی تتم فی إطار الإنترنت، فقد حل فی المجتمع علاقات جدیدة، وهی العلاقات بین الأفراد، التی بدورها حلت محل علاقات الإنتاج، فالتنظیر السیسولوجی فی فلسفیة الجدیدة، وتفتت أنساقه الکبرى، یرفض فکرة المجموع یؤکد على فکرة الفردیة، وهذا ما حدا بالبعض إلى اعتبار حقبة ما بعد الحداثة، هی حقبة الفردیة والعزلة والوحدانیة. إن الفردیة باتت تشکل المحور الأساسی للعلاقات الاجتماعیة الافتراضیة، وقد نتجت هذه الفردیة فی ظل بزوغ متغیرات تکنولوجیة حدیثة، ساهمت هذه التکنولوجیات بدورها فی النزوع نحو العزلة، والفردیة، - ویتضح ذلک على الأرجح - عند معرفة أن التقنیات الحدیثة فی میدان التکنولوجیا قد ساهمت فی التأثیر علی العدید من الکیانات الاجتماعیة، فقد غیرت التکنولوجیا من حیاة الأفراد والمجتمعات، وقد غیرت من طابع الأفراد، وأکدت على عنصر الفردیة ذلک لأنها فتحت الباب أمام الناس وأتاحت الفرصة لاستخدام الحاسبات من المنازل وبذلک فقد نجم عن تکنولوجیا الحاسبات والانترنت علی وجه الخصوص - ازدیاد احتمال تواجد الأفراد فی منازلهم، والمکوث کأفراد أمام شاشات الکمبیوتر والانترنت.

إن الفرد الذی ینخرط فی مجتمعات اجتماعیة افتراضیة یدخل هذه المجتمعات بصفة فردیة، عبر حاسبة الشخصی، وبذلک ینقطع عن السیاق الاجتماعی الحقیقی المحیط به وسیاقه الأسری، وذلک یؤکد على تفتت العلاقات الاجتماعیة التقلیدیة، فلاستمرار والنزوع إلى الإنترنت یدعم الفردیة الذی بدوره یشکل تأثیر علی علاقة الفرد بالأسرة أو الأصدقاء، فالفرد من خلال التفاعلات الافتراضیة، یهیم فی عالم کوکبی عالمی، لا یتطلب منه الحضور الجسدی، فهو حاضر جسدیاً أمام الکمبیوتر، غائب اجتماعیاً من سیاقه الاجتماعی وعلاقاته التقلیدیة، وحاضر افتراضی فی جماعاته الافتراضیة، فهذا یدعم فکره التمزق لما دون ذلک من علاقات الفرد التقلیدیة. وقد أشار مارجال جونزلیزMargial Gonzalez  أن أهم السمات التی تمیز علاقات الانترنت هی الفردیة، إذ أن الفرد فی تفاعلاته التی یدخل فیها، ومحادثاته مع الأفراد الآخرین الذین یشارکونه نفس اهتماماته، یجلس وحیداً أما جهاز وشاشة کمبیوتر، یجوب من خلالها العالم ویتفاعل مع أفراد من هویات مختلفة، فالوحدة أو الفردیة هی أساس التفاعلات الافتراضیة وسیاقاتها المختلفة. (المجتمع الافتراضی دراسة فی أزمة منظومة القیم المصریة، ولید رشاد زکی، http://socio.montadarabi.com/t3388-topic)

5-التفاعل الاجتماعی فی الفضاء السیبرانی وانعکاسه على القیم والعلاقات الأسریة (الجانب التطبیقی)

أولًا: واقع المجتمعات الافتراضیة:

- ما هی دوافع انضمامک إلى المجتمع الافتراضی؟ أوضحت النتائج أن أهم المتغیرات التی تدفع الأفراد من عینة الدراسة إلى الانخراط فی المجتمع الافتراضی متغیر تکوین الصداقات حیث احتل المرتبة الأولى لدی عینة الدراسة حیث أشار 31% أنهم یتجهون إلى التفاعلات الافتراضیة من أجل تکون صداقات، حیث شکلت الانترنت مجال جدید وفضاء جدید لتکوین صداقات قد تتخطى هذه الصداقات حدود الدولة القومیة ففی ظل التفتت الذی یحدث علی مستوى العلاقات الاجتماعیة فی المحیط الواقعی نظرا لأعباء الحیاة الیومیة وسرعة أدائها فی الوقت نفسه یتنامى الفضاء الرمزی الذی شکل بدوره إطار جدید للعلاقات الاجتماعیة. وتشکل التسلیة والترفیه متغیر رئیس فی انخراط عینة البحث فی المجتمعات الافتراضیة حیث اتجه إلیها نسبة 22%من عینه البحث وهو ما یؤکد أیضا أنه فی الوقت الذی تتزاید فیه المشکلات الحیاتیة وتشد من وطأتها على البشر، فهناک فضاء جدید رحب یقدم للأفراد عناصر التسلیة والترفیه تخرج بالفرد من دائرة المشکلات الحیاتیة إلى عالم افتراضی علی هواه ویتیح أیضا إمکانیة المشارکة فی ألعاب افتراضیة أو زیارة مدن علی سبیل الترفیه، فارتیاد الأفراد لهذه الجماعات یشکل عنصراً جدیداً من عناصر التسلیة والترفیه ولکن على غیر المعهود.

وقد احتل عنصر تمضیة وقت الفراغ العنصر الثالث کمتغیر فی اتجاه الأفراد من عینة البحث إلى الدخول فی التفاعلات الافتراضیة حیث شکل نسبة 17%. فقد أتاحت التفاعلات الافتراضیة فرصة أمام المبحوثین لقضاء وقت الفراغ خارجاً من الإطار التقلیدی لتمضیة الوقت. ولعل الدخول فی منتدیات وتفاعلات الإنترنت التی تتم فی موضوعات بعینها تناسب اهتمام الأشخاص شکل مجال جدید لاکتساب معارف جدیدة، وهذا ما أشار إلیه نسبة 14% من عینة البحث لیحتل بذلک هذا المتغیر المرتبة الرابعة. أما التثقیف یشکل المرتبة الخامسة التی تجعل الأفراد من عینة البحث یدخلون فی تفاعلات افتراضیة، وذلک بنسبة 3%، حیث فتحت الجماعات الافتراضیة مجال جدید نحو التثقف، وذلک من خلال ما تطرحه المنتدیات من معلومات ومسابقات وحوارات ثقافیة وندوات ومنتدیات عبر الفضاء الرمزی، وقد أشار نسبة 6% من عینة البحث أنهم یتجهون نحو الإنترنت وجماعاته الافتراضیة من أجل تعلم مهارات جدیدة لتمثل بذلک المرتبة السادسة. وقد أشار نسبة 5% من عینة البحث أن الانترنت أتاحت الفرصة أمام الأفراد لکی یعبروا عن رأیهم بحریة، وبذلک یخرج هؤلاء الأفراد من السلطة التقلیدیة للمجتمعات، احتل التسوق نسبة 2%، لیحتل بذلک المرتبة الأخیرة، لیشیر ذلک إلى حقیقة من خلال عینة الدراسة مؤداها، أنه لا یزال المتغیر الاقتصادی یلعب دوراً قلیلاً فی التفاعلات الافتراضیة فحرکة البیع والشراء من خلال الجماعات الافتراضیة لازالت قلیلة، یرجع ذلک إلى الظروف الاقتصادیة الصعبة التی یعیشها معظم أبناء المجتمع من جهة، وعدم الثقة فی مصداقیة الإنترنت من جهة أخری وعدم توافر البنیة الاقتصادیة على الانترنت بالشکل الکافی الذی تسمح بهذه التفاعلات فی مجتمعات.

 

- ما هی طبیعة العلاقات التی تنسجها مع معارفک فی العالم الافتراضی؟ تبین من منعطف النتائج أن نسبة 38% أشاروا إلى إمکانیة قیام صداقة من داخل التفاعلات الافتراضیة، وکان من أبرز الأسباب الدافعة نحو تکوین صداقات افتراضیة هو تمضیة لوقت ثم استمراریة علاقات الانترنت، ثم مشارکة نفس الاهتمامات. وعلى الرغم من ذلک فإن نسبة 62%من المبحوثین یفضلون الصداقات الواقعیة الحقیقة، ولقد فتحت التفاعلات الافتراضیة فرص تکوین صداقات بین الجنسین قد تجد محاذیر لها فی الواقع. وتشکل الصداقة الافتراضیة قیمة مضافة إلى إطار العلاقات الاجتماعیة للأفراد تهیم بالأفراد إلى استهلاک وقت أکبر فی المجتمع الافتراضی وتؤثر على قیمة الحوار الأسریة وستحاول النقطة الآتیة أن تبرز التأثیرات المحتملة على القیم الأسریة.

- ما هی الإیجابیات التی تعود علیها الفرد من جراء التفاعلات الافتراضیة؟ فقد أشار38%من عینة الدراسة أن أفضل مزایا التفاعلات الافتراضیة أنها تساعد الفرد فی التعرف على أفراد جدد وتکوین صداقات وأن ما نسبته 22% من عینة الدراسة یرون أنها تسهم فی کسر الملل، وأن نسبة26% إلى أن التجمعات الافتراضیة تنطوی على میزه وهی تناولها لمضامین مختلفة تمس جمیع الاهتمامات. فالفرد ینضم إلى هذه التجمعات طواعیة ولیس مقهوراً، وتبین أن نسبة34% یتجهون نحو التجمعات الافتراضیة من أجل البحث عن الحریة التی تعد مفقودة فی الواقع إلى حد کبیر فهذه الجماعات فتحت المجال للحریة التی قد یفرض علیها القیود فی الواقع المعاش.

- ما هی السلبیات التی تتیحها التفاعلات الافتراضیة؟ فاتضح أن نصف العینة یرون أن التفاعلات الافتراضیة تستهلک قدر کبیر من المصروف أو الدخل الشهری الذی تحققه الأسرة لأبنائها، وقد أشار33%من عینة الدراسة أن هذه التجمعات تفصل الفرد عن الواقع، فهذه الجماعات تخلق واقع جدید وتجعل الفرد یعیش فی عالم وهمی أیسر ما یطلق علی هذا الواقع أنه افتراضی أو تخیلی ویسبح الفرد من خلال هذا الواقع فی فضاء جدید قد یبعد الفرد عن مشارکاته الواقعیة وتزداد الخطورة من هذه التجمعات عندما تؤثر على العادات والتقالید التی أقرها المجتمع والتی تعد أحد خطوط الدفاع وأحد مصادر الضبط الاجتماعی فقد أشار إلى ذلک نسبة22%.

 

ثانیًا: تأثیر التفاعلات الافتراضیة على منظومة القیم الأسریة:

- هل یؤثر تواصلک عبر الفضاءات الافتراضیة على علاقاتک الأسریة؟ أتضح أن نسبة %38من عینة الدراسة یتجهون إلى الإنترنت لا یؤثر علی علاقة الفرد بأسرته، فی حین أعرب ما نسبته 62% من عینة المبحوثین أن المجتمعات الافتراضیة تؤثر على علاقات الفرد بأسرته حول أبعاد هذا التأثیر، أتضح أن أبرز ملامح المشکلات تمثلت فی التأثیر علی میزانیة الأسرة، التقلیل من مساحة الحوار فی الأسرة ویبرز من ذلک أن هناک تأثیر علی قیمة الحوار الأسری من خلال الانخراط فی التفاعلات الافتراضیة، وهنا تبرز "الفردیة" التی تم طرحها فی سیاق الإطار النظری إذ أن الفرد عندما یدخل فی تفاعل علی الانترنت یدخل کفرد ومن هنا یقلل مساحة الحوار فی الأسرة.

 - هل تقوم بأداء مهامک الأسریة وأنت على اتصال بالعالم الافتراضی؟: فقد اتضح أن النسبة الغالبة 47% من عینة الدراسة یترکون المحادثات الافتراضیة من أجل تحقیق طلب الأسرة، فی حین أن نسبة قلیلة تصل إلى 12% فقط یعتذرون عن طلب الأسرة لانخراطهم فی التجمعات الافتراضیة، وأعرب 41% من عینة الدراسة أنهم یؤجلون طلب الأسرة ولا یرفضونه إلى حین الانتهاء من الحدیث الافتراضی، تؤکد هذه النسبة فی إطار عینة الدراسة إلى أن التعاون الأسری یتأثر بطریقة ما بمتغیرات التفاعلات الافتراضیة.

- هل تقضی وقتا أطول فی التواصل مع معارفک فی العالم الافتراضی أکثر من الوقت الذی تقضیه مع الأسرة؟ أعرب ما نسبته 62% من أفراد العینة أنهم یقضون وقتا أطول فی التواصل مع معارفهم وأصدقائهم فی العالم الافتراضی أکثر من الوقت الذی یقضونه مع أسرهم فی ظل الضغوطات والتوترات التی یعانیها الأفراد فی حیاتهم الواقعیة وبالتالی سیکون هذا العالم هو البدیل للتخلص من المشاکل الحیاتیة التی یعانیها وعلیه یعتبر الفضاء الرمزی إطار جدید للعلاقات الاجتماعیة، فی حین أشار ما نسبته 38% بأنهم یقضون وقتا أطول مع عائلتهم فهم یرون بأن الجو العائلی یوفر مجالا أوسع للنقاش وتبادل الآراء والأفکار والخوض فی المسائل الأسریة واقتراح الحلول لها.

- هل تشعر بأن العلاقات التی کونتها فی العالم الافتراضی تعادل فی حمیمیتها تلک العلاقات التی کونتها فی العالم الواقعی؟ أجاب أفراد العینة بأن ما نسبته 46% یشعرون بحمیمیة نحو معارفهم الذین تعرفوا علیهم فی العالم الافتراضی لا تقل حمیمیة عن مشاعرهم فی العالم الواقعی وهی نسبة معتبرة إذا ما قارنناها بالمعرفة الشخصیة للصداقات الواقعیة، حیث أشارت دراسة رایس وزمیله لف إلى وجود مشاعر من نوع خاص بین الشباب الذین تعرفوا إلى بعضهم من خلال الانترنت ویطلق على هذا النوع المشاعر الإلکترونیة فی المقابل وکمرادف للعلاقات الحقیقیة تأتی المشاعر الحیة عن طریق الاتصال الشخصی، وعلیه یمکن القول أن المجتمع الافتراضی وما یطرحه من تفاعلات بین الأفراد بمقدوره تکوین علاقات قویة وحمیمیة بینهم خاصة إذا تم الاتصال الشخصی وجها لوجه بعد عملیة التعارف الافتراضیة.

- هل تشعر بأن نشاطاتک فی المناسبات العائلیة والاجتماعیة بدأت تتراجع عما کانت علیه منذ ولوجک للعالم الافتراضی؟ فقد أجاب ما نسبته 57% من أفراد العینة بأن ممارسة العادات والتقالید والمناسبات العائلیة والاجتماعیة قد قلت مما کانت علیه فی السابق، فی حین أجاب ما نسبته % 43 بأنهم حافظوا على عاداتهم الاجتماعیة فی ظل النظام الأسری، تؤکد نتائج هذا التساؤل على وجود خلخلة فی عملیة التفاعل الاجتماعی داخل الأسرة وفی سلم النظام والعلاقات ویعود ذلک على غیاب سلطات الضبط حیث تعتبر الأسرة أهم محدداتها، وقد توصل باحثون فی هذا الصدد إلى وجود تراجع ملحوظ فی العلاقات الاجتماعیة الأسریة للمنخرطین فی العالم الافتراضی فی المجتمع الأمریکی من حیث انخراطهم فی الحیاة المدنیة وفی نشاطاتهم ومشارکاتهم فی الحیاة الاجتماعیة وفی زیارتهم لأقاربهم.

-أیهما ذو مصداقیة أکثر المجتمعات الافتراضیة أم الواقعیة؟ أشار ما نسبته62% من عینة الدراسة أن الجماعات الحقیقیة أکثر مصداقیة من الجماعات الافتراضیة، وقد اتجه ما یزید عن نصف العینة أن الجماعات الحقیقیة أکثر تفاهم وتفاعل من الجماعات الافتراضیة، وقد أشار نسبة80% أن الجماعات الافتراضیة تتیح الحریة لأعضائها أکثر من الجماعات الحقیقیة، وقد اتجه نسبة8% إلى أنه لا توجد فروق بین الجماعات الافتراضیة والواقعیة.

 

خاتمة:            

   الأبعاد التی أدخلها العالم الافتراضی عبر الانترنت تعتبر فی الحقیقة مؤشرًا عن تغیر فی بنیة الاتصال الاجتماعی فی المجتمع العربی بشکل عام والجزائری بشکل خاص، ذلک التغیر الذی یهدد حیویة العلاقات الاجتماعیة ومنظومة القیم السائدة فی المجتمع العربی ویشکل خطورة على متانة التماسک الأسری وقوة التضامن العائلی الافتراضی فالتکنولوجیا قضت على مبادئ ومشاعر التراحم والتآزر ومختلف المشاعر والقیم الإنسانیة.

قائمة المراجع:
- المجتمع الافتراضی والعلاقات الأسریة دراسة استطلاعیة على مستخدمی الانترنت بمنطقة سیدی عمران، أحمد طیبی، عزابی سمیة: مقدمة فی إطار ملتقى المجالات الاجتماعیة التقلیدیة الحدیثة وانتاج الهویة الفردیة والجماعیة فی المجتمع الجزائری، د.ت.   
- عولمة الحداثة وتفکیک الثقافات الوطنیة، أحمد زاید: عالم الفکر، المجل د3، یولیو-سبتمبر2003.
- من الحداثة إلى العولمة، رؤی ووجهات نظر فی قضیة التطور والتغییر الاجتماعی، روبیرت تیمونز، إیمی هایت: ترجمة سمر الشبکشی، الجزء الأول، عالم المعرفة، عدد309نوفمبر، 2004-.
- الفجوة الرقمیة، رؤیة عربیة لمجتمع المعرفة، نبیل علی، نادیة حجازی: عالم المعرفة، عدد318، أغسطس 2005.
- المشکلات النظریة والمنهجیة للبحث السسیو إثنوجرافی فی المجتمعات المتخلیة، محمد محیی الدین، محمد محیی الدین: مجلة العلوم الاجتماعیة المجلد 32، العدد 4، 2004.
- القیم السلوکیة، محمود حسین عقل: مکتب التربیة العربی لدول الخلیج، الریاض، 2001.
- العائلة الجزائریة التطور والخصائص الحدیثة، مصطفى بوتفنوشت: المؤسسة الوطنیة للکتاب، الجزائر، 1986.
- المرجع فی مصطلحات العلوم الاجتماعیة، سامر المصری وآخرون: لطلاب قسم علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعیة، الاسکندریة،1985.
- إطلالات على الزمن الآتی، نصر الدین السید: مکتبة الأسرة، الأعمال العلمیة، الهیئة المصریة العامة لکتاب، 1998.
- ثقافة بلا مثقفین من الملحمی إلى التراجیدی، الطاهر لبیب: المستقبل العربی، عدد26.
- وسائل التکنولوجیا الحدیثة وتأثیرها على الاتصال بین الابناء والآباء الانترنت والهاتف النقال نموذجا، طاووس وازی، عادل یوسف: مداخلة قدمت فی إطار الملتقى الوطنی الثانی الاتصال وجودة الحیاة فی الأسرة، 09-10آفریل2013.
- the basics of social research- Babbie, Earl: third edition, wadsworth-2003.
- Albert society in the postmodern era-the Washington Quartey, Borgmann: winter2000.
- Dictionnaire alphabétique et analogique de la langue française, Petit Robert : paris.
- Globalization and culture marthan your money s'worth- jerry Cassava: university of Toronto quarterly-spring-2002-Nol71 issue 2-.
- Communication, Technology and culture change, Gary Krug: SAGE Publications, London-Thousand Oaks, New Delhi.
- Social System, Talcott Parsons, 2nd Printing, Glencoe Illinois, the Free Press, NewYork, 1958.
- المجتمع الافتراضی دراسة فی أزمة منظومة القیم المصریة، ولید رشاد زکی: 01 مای2018، متاحة على الموقع التالی: http://socio.montadarabi.com/t3388-topic.
- التفاعل الاجتماعی، حوراء عباس کرماش السلطانی: کلیة التربیة الأساسیة، قسم التربیة الخاصة، جامعة بابل، 24/04/2018على الساعة: 16:42. على الموقع: http://www.uobabylon.edu.iq